إنّه في الحقيقة استدلال على توحيد المعبود ، أي عندما يكون هو الخالق للعالم فإنّ العبادة يجب أن تقتصر عليه أيضاً لا على غيره ، كالأصنام والشمس والقمر والنجوم وغيرها.
وكما أسلفنا فإنّ هناك سبعة أسئلة اخرى إضافة إلى هذه الأسئلة الثلاثة الواردة على صورة الاستفهام الإنكاري في آيات ثلاث ترتبط بقضيّة النبوّة وامور اخرى لا حاجة لذكرها في هذا البحث التوحيدي (١).
* * *
توضيحان
١ ـ برهان العلّة والمعلول في الفلسفة والكلام
يعدّ هذا البرهان من أقدم وأشهر الإستدلالات على إثبات وجود الله ابتداءً من فلاسفة اليونان القدماء ومنهم ارسطو الذي عاش في القرن الرابع قبل الميلاد وحتّى يومنا هذا حيث كانوا يستندون إليه ، وكما أشرنا من قبل فإنّ أغلب الأدلّة على التوحيد تعتبر غير تامة إذا لم تستند إلى برهان العليّة.
ولكي تتوضّح قواعد هذا الاستدلال ، ينبغي ملاحظة عدّة امور :
١ ـ تعريف أصل العلّية
(العلّية) هي العلاقة الوجودية بين شيئين بشكل يكون أحدهما تبعاً للآخر ، ومن يرى أنّ علاقة العلّية عبارة عن ظهور حادثين على التعاقب فإنّ هذا التعريف يكون ناقصاً ، فصحيح أنّ المعلول يحدث بعد علّته ولكن ذلك لا يكفي لتوضيح مفهوم العلّية ، بل لابدّ أن يكون هذا الأمر ناشئاً من العلاقة بينهما ومن تبعية الوجود الثاني إلى الوجود الأوّل.
__________________
(١) للمزيد من الإيضاح راجع التفسير الأمثل ذيل الآية ٣٥ من سورة الطور.