والذي جعلها على صورة اللباس هو (العلّة الفاعلية) والدافع لهذا الشيء هو (العلّة الغائية.
ومن المعلوم أنّنا استندنا في برهان (العلّة والمعلول) الذي نتابعه إلى العلّة الفاعلية وخاصّة العلّة التامّة.
* * *
٢ ـ إيضاح برهان العلّية
بعد اتّضاح هذه المقدّمات نرجع إلى أصل برهان العلّية.
إنّ برهان العلّة والمعلول في الحقيقة مبني على أساسين هما :
١ ـ أنّ العالم الذي نعيش فيه (حادث) و (ممكن الوجود).
٢ ـ كلّ موجود حادث وممكن الوجود يجب أن ينتهي إلى واجب الوجود ، وبعبارة اخرى يجب أن تنتهي الوجودات الإرتباطية إلى الوجود المستقل.
وقد تكلّمنا بما فيه الكفاية عن المقدّمة الاولى وهي حدوث العالم ، يبقى أن نثبت الآن المقدّمة الثانية :
إنّها قضيّة واضحة وحتّى المادّيون والمنكرون لوجود الله يقرّون بها ، بَيدَ أنّهم يقولون : إنّ (المادّة) لها وجود أزلي وأبدي ومستقلّ بالذات ، لكن هذا الكلام باطل استناداً إلى الأدلّة التي تثبت استحالة أزلية المادّة وأبديتها وقد أشرنا إلى ذلك.
ولتوضيح هذه المقدّمة من المناسب أن نقول : مع الإقرار بأنّ العالم حادث فسنواجه خمسة افتراضات لا سادس لها :
فإمّا أن يوجد العالم بدون علّة ، أو أن يكون هو علّة لوجوده ، أو أن يكون معلوله علّة له ، أو أن يكون العالم معلولاً لعلّة وهي معلولة لعلّة اخرى وهكذا إلى ما لا نهاية.
أو أن نقرّ بأنّ كلّ هذه الموجودات الحادثة مستندة إلى موجود أزلي أبدي فوق المادّة ، وهذه السلسلة من العلل والمعلولات تنتهي أخيراً إلى (واجب الوجود).
الفرضية الاولى : وهي حدوث العالم بدون علّة وتسمّى بفرضية (الصدفة) وهي فرضية