٥ ـ برهان الصدّيقين
تمهيد :
برهان الصدّيقين من أدلّة إثبات وجود الله بالاستفادة من القرآن الكريم والروايات ، والذي اهتمّ به العلماء والفلاسفة الإسلاميون ، وكما يبدو من إسمه أنّه ليس دليلاً عامّاً بل يختصّ بالذين يحظون بمعلومات وفهم أوسع في العقيدة والفلسفة ، ولهم قسط وافر من الذوق ودقّة الملاحظة.
دليل يتّصف بالتعقيد قليلاً وفي الوقت نفسه لطيف وجميل ومربٍّ للروح.
ومحور هذا الدليل أنّنا بدلاً من دراسة المخلوقات من أجل معرفة الله ، نتوجّه للتدبّر في ذاته المقدّسة للوصول إلى ذاته ، وكما يقتضيه الدعاء : «يامن دلّ على ذاته بذاته» نتّخذ منه تعالى طريقاً للوصول إليه ، وكلّ ما في هذا البرهان من تعقيد وظرافة ناشيء عن كيفية إمكان اتّحاد الدليل والإدّعاء.
القضية هي أنّ في هذا العالم وجوداً فنبادر بتحليل أصل هذا الوجود ومن خلال تحليل دقيق نصل إلى أنّ أصل الوجود يجب أن يكون واجباً.
هذه إشارة سريعة ولو أنّها غير كافية حيث سنتكلم عن ذلك بالتفصيل ونعود الآن إلى القرآن لنمعن خاشعين في الآيات التالية :
١ ـ (أَوَ لَمْ يَكفِ بِرَبِّكَ انَّهُ عَلَى كُلِّ شَىءٍ شَهيدٌ). (فصّلت / ٥٣)
٢ ـ (شَهِدَ اللهُ انَّهُ لَا إِلهَ إِلَّا هُوَ وَالمَلَائِكَةُ وَأُوْلُوا العِلْمِ قائِماً بِالْقِسْطِ لَاإلهَ إِلَّا هُوَ العَزِيزُ الحَكِيمُ). (آل عمران / ١٨)