النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله الذين كانوا ينكرون وحدانية الله سبحانه ونبوّة رسول الإسلام صلىاللهعليهوآله والمعاد كذلك ، ولا يستبعد أن تشمل الآية هؤلاء جميعاً ، لأنّ قوم فرعون وثمود الذين ذُكروا من قبل كانوا كذلك ، كما أنّ استعمال (تكذيب) على صورة نكرة والذي يدلُ في مثل هذه الحوادث على الأهميّة والعظمة هو شاهد آخر على هذا المعنى.
ثمّ تقول الآية : (وَاللهُ مِن وَرَآئِهِم مُّحِيطٌ).
التعبير بـ (ورائهم) إشارة إلى أنّهم محاطون من كلّ جهة ، والله محيط من كلّ جهة وجانب ، وقد وقع كلام بين المفسّرين بشأن المراد من (الإحاطة الإلهيّة) حيث احتمل البعض أنّها إحاطة الله العلمية على أعمالهم ، واعتقد البعض الآخر أنّها إحاطة القدرة حيث الجميع في قبضته ، وليس لهم القدرة على الفرار من عقابه ، وذهب البعض الآخر إلى أنّها الإحاطة العلمية ، وإحاطة القدرة معاً.
بيدا أنّ مفهوم الآية أوسع ممّا ذكر حيث يشمل إحاطته الوجودية أيضاً ، نعم ، لله تعالى إحاطة وجودية لجميع الممكنات والكائنات ، وليست هذه الإحاطة ـ طبعاً ـ من قبيل إحاطة الظرف بالمظروف (كإحاطة الحائط بالبيت) وليست من قبيل إحاطة الكلّ بالجزء ، بل هي (الإحاطة القيومية) ، أي أنّه سبحانه وجود مستقلّ وقائم بالذات والموجودات الاخرى قائمة به وتابعة له.
وهذا المعنى يفتح الطريق أمام برهان الصدّيقين في مسألة إثبات وجود الله ، وسنقدّم شرحاً لذلك في المستقبل.
هو الأوّل والآخر :
تقول الآية الرابعة ـ وهي من الآيات الاولى من سورة الحديد وفيها ذكر لصفات الله سبحانه بشكل عميق وواسع : (هُوَ الأَوَّلُ وَالاخِرُ والظَّاهِرُ والبَاطِنُ وهُوَ بِكُلِّ شَىءٍ عَليمٌ).
إنّ هذه الصفات الخمس التي اجتمعت في الآية بيان جلي لذاته المقدّسة اللامتناهية.