والثاني : أنّ تطبيق الآية على هذا العالم (بافتراض ثبوته) يبدو بعيداً جدّاً ولا يسلم أصل القضيّة وفرعها من الإيراد.
حصيلة البحث عن عالم الذرّ :
نصل ممّا ذُكر إلى هذه النتيجة وهي : أنّ التفسير الثاني والخامس ـ بعد الدراسة الدقيقة ـ هما أقلّ التفاسير إشكالاً ، وامّا الإشكال الوارد في أنّه يخالف الظاهر في بعض الجهات فإنّه يمكن التغاضي عنه مع توفّر القرينة والنظائر الكثيرة لذلك في اللغة العربية وغيرها ، ولذا فإنّ الكثير من المفسّرين المشهورين وعلماء العقائد والكلام قد اختاروهما ، كما تتضمّن الروايات إشارات واضحة إلى هذا المضمون وسيأتي ذلك في البحث المقبل بإذن الله.
وباختصار : إنّ أغلب المحقّقين يعتقدون بأنّ هذا السؤال والجواب الإلهي قد تمّ مع جميع البشر وبلسان الحال لا القال ، أو عن طريق الإستعداد الفطري المودع في الجنين أو عن طريق الإستعداد العقلي الذي أوجده فيهم بعد البلوغ والكمال العقلي ، أحدهما يتحدّث عن الفطرة القلبية (دون الحاجة إلى استدلال) والثاني يتحدّث عن الفطرة العقلية التي تعتبر معرفة الله من البديهيات العقلية ، حيث إنّ دلائله من الوضوح ما يجعل كافّة البشر يدركون ذلك ، صحيح أنّ مجموعة من البشر ينكرون ذلك بلسان القال ويؤيّدون الماديّة ، ولكنّا حينما نحلّل كلامهم نراهم يجعلون للمادّة والطبيعة نوعاً من العقل والإحساس ، وبعبارة اخرى أنّهم أطلقوا كلمة (الطبيعة) على (الله) ، ونعتقد أنّ الإشارة إلى الفطرة القلبية هي الأنسب (فتأمّل جيّداً).
* * *
توضيحات
١ ـ (عالم الذرّ) في الروايات الإسلامية
إنَّ المصادر الإسلامية (السنيّة والشيعية) تتضمّن روايات جمّة عن (عالم الذرّ) تبدو