د) فشل الدعاية ضدّ الدّين
نحن نعلم بأنّ دعايات شديدة لا مثيل لها من حيث السعة شُنّت ضدّ الدين في القرون الأخيرة وخاصّة في الغرب بالاستفادة من الأساليب والوسائل المختلفة.
وكانت بداياتها في مرحلة النهضة العلمية في اوربا (رنسانس) وفيها تحرّرت المحافل العلمية والسياسية من ضغوط الكنيسة وطغى التيار المعارض للدين (كان الدين المسيحي هو السائد وقتئذٍ في اوربا) إلى درجة تُطرح فيها الأفكار الملحدة في كلّ مكان واستغلَّوا مكانة الفلاسفة وعلماء العلوم الطبيعية بشكل خاصّ لرفض الاسس الدينية كلّها حتّى فقدت الكنيسة مكانتها المرموقة ، وانعزل رجال الدين في اوربا وأصبح الإيمان بوجود الله والمعجزات والمعاد والكتب السماوية في عداد الخرافات.
وغدا من المسلّمات لدى كثير منهم أنَّ البشرية مرّت بمراحل أربع هي : (مرحلة الأساطير ، مرحلة الدين ، مرحلة الفلسفة ، ومرحلة العلم) وحسب هذا التقسيم يكون الدين قد انقرض في مرحلة سابقة!
والعجيب أنّ كتب علم الإجتماع الحديثة التي تمثّل الصورة المتكاملة لعلم الإجتماع السائد آنذاك تفترض هذه القضيّة من المسلّمات ، وهي أنّ الدين يمثل عاملاً طبيعيّاً يتردّد بين الجهل والخوف والمتطلّبات الاجتماعية والامور الاقتصادية ، فهناك اختلاف بصددها!
صحيح أنّ السلطة الدينية الحاكمة (أي الكنيسة) في القرون الوسطى هي التي يجب أن تدفع الثمن بسبب استبدادها وظلمها وتعاملها السيّ مع الناس بصورة عامّة وعلماء الطبيعة بصورة خاصّة ، إضافةً إلى اهتمام الكنيسة بالشكليات والمظاهر وبالامور التي لا تستحقّ الإهتمام ونسيان المحرومين من طبقات المجتمع ، لكن العيب في هذا الأمر هو أنّ الكلام لم يكن عن البابا والكنيسة فحسب بل عن المذاهب في العالم كلّها.
وقد دخل (الشيوعيون) كغيرهم الميدان ليقضوا على الدين بكلّ ما يمتلكون من قوّة ، وسخّروا جميع الأجهزة الإعلامية وأفكار فلاسفتهم من أجل ذلك وسَعَوْا سعيهم لإظهار الدين وكأنّه افيون الشعوب!