بيد أنّا نشهد أنّ هذه التيارات العاتية ضدّ الدين لم توفّق لاجتثاث الجذور الدينية المغروسة في القلوب والقضاء على النشاط الديني ، وها نحن اليوم نرى بامّ أعيننا انتشار الوعي الديني بشكل واسع من جديد حتّى في البلدان الشيوعية ، والأخبار التي تتناقلها وسائل الإعلام تحكي عن الرعب المتزايد الذي يعيشه الحكّام في هذه المناطق إزاء الميول الدينية وخاصّة الإسلامية ، كما نلاحظ في الأقطار الشيوعية ـ التي تبذل محاولات يائسة وفاشلة للقضاء على الدين ـ ظهور حركات تطالب بانتشار الدين.
هذه الحقائق تدلّ بصورة واضحة على تجذّر الدين في أعماق (الفطرة) البشرية ، وبذلك استطاع أن يواجه التيارات الإعلامية المعارضة العاتية ولولاها لانقرض تماماً.
ه) التجارب الشخصية في الأزمات
إنَّ أغلب الناس جرّبوا هذه الحقيقة في حياتهم وهي : أنّ الإنسان حينما يواجه مشكلات قاتلة ، وشدائد الحياة الصعبة ، ويُبتلى بدوّامات البلاء وحينما توصد بوجهه الأبواب ويبلغ السيل الزبى ، ففي هذه اللحظات المضطربة يورق أمل في أعماق روحه ، فيتجه إلى الله سبحانه القادر على حلّ المشكلات كلّها فيتعلّق به ويستمدّ العون منه.
ولا يستثنى من ذلك حتّى الأشخاص الذين ليس لديهم ميول دينية حيث تصدر منهم ردود فعل روحية عند تعرّضهم للأمراض الخطرة والهزائم الماحقة وهذه شواهد على الحقيقة التي تتحدّث عنها الآيات القرآنية السابقة حول فطرية المعرفة الإلهيّة.
نعم ، في زوايا قلب الإنسان وأعماق روحه نداء لطيف مليء بالرحمة وقوي وبيّن يدعوه إلى الحقيقة الكبرى ، وهي (الله) القادر والمتعالي والعالم ، وبحثنا يدور حول الإيمان بتلك الحقيقة لا عن تسميتها.
و) شهادة العلماء على فطرية الدين
ليست قضيّة فطرة (معرفة الله) قضيّة مطروحة في القرآن الكريم والروايات الإسلامية