ويقول صموئيل كينغ في كتاب (علم الإجتماع) : «كان لجميع المجتمعات البشرية لون من الدين وإن قام علماء الأنساب والرحالة والمبشّرون (المسيحيون) الأوائل بذكر أسماء مجموعات لا تدين بدين أو مذهب، ولكن أقوالهم ـ كما عُلم فيما بعد ـ لم يكن لها أساس من الصحّة فأحكامهم ناشئة فقط من ظنّهم بأنّ أديان اولئك يجب أن تشابه ديننا» (١).
ونختم هذا البحث بكلام ل (ويل ديورانت) المؤرّخ المعاصر الشهير حيث قال : «إن لم نتصوّر للأديان جذوراً في عصر ما قبل التاريخ ، فإنّنا لا يمكن أن نتعرّف على حقيقتها في التاريخ» (٢).
* * *
٤ ـ الفطرة في الروايات الإسلامية
إنّ قضيّة فطرية التوحيد في العبادة بشكل خاصّ ، أو الدين والمذهب بصورة عامّة ، أمر فطري ذو انعكاس كبير في الروايات الإسلامية بالرغم من اختلاف التعبير فيها ، ففي بعضها عرض لقضيّة التوحيد وتوحيد العبادة كأمر فطري كما في الحديث الآتي ، حيث سأل أحد أصحاب الإمام الصادق عليهالسلام ـ وهو علاء بن فضيل ـ عن الآية الكريمة : (فطرتَ اللهِ الَّتِى فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا) ، فأجاب عليهالسلام : «التوحيد» (٣).
كما ورد هذا المضمون في أحاديث عديدة اخرى (٤).
وفي القسم الآخر من هذه الأحاديث اعتبرت (معرفة الله) أمراً فطرياً ، كالحديث الذي يرويه زرارة عن الإمام الباقر عليهالسلام حينما سأله عن تفسير الآية : (حُنَفاءَ للهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ) : أهي الفطرة التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله؟ قال عليهالسلام : فطرهم الله على المعرفة».
__________________
(١) علم الإجتماع لصموئيل كينغ ، ص ١٩١.
(٢) قصّة الحضارة ، ج ١ ، ص ٨٨.
(٣) بحار الأنوار ، ج ٣ ، ص ٢٧٧ ، ح ٤.
(٤) المصدر السابق ، ح ٥ ، ٦ ، ٨ ، ١٠.