قالت الآية السادسة : (إِنَّهُ عَلِىٌّ حَكِيمٌ).
إنَّ علوّه تعالى يستوجب أن لا يتصل مع عباده الذين هم موجودات جسمانية ومخلوقات إمكانية ، إلّابالطرق التي ذكرناها ، وحكمته تستوجب أن يفيض الوحي بالمعارف والتعاليم التي تعبّد طريق الإنسان إلى الله تعالى.
هنا تتضح الآصرة الوثيقة الموجودة بين هاتين الصفتين ، ويتضح محتوى الآية.
* * *
الطلاق نابع من الحكمة الإلهيّة :
وبالتالي فالآية السابعة والأخيرة من بحثنا ، بعد أن سمحت للزوج والزوجة بالطلاق عند فقدان الالفة ، أمّلتهما بالحياة المستقبليّة لكي لا ييأسا ويسلكا طريق المعاصي. قال تعالى : (وَانْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللهُ كُلًّا مِّنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللهُ وَاسِعاً حَكِيْماً).
فمن جهة يبشّرهما تعالى بالغنى من فضله وكرمه (وهذا يتناسب مع وصفه تعالى بالواسع) ، ومن جهة اخرى فقد شرّع الطلاق وسمح للزوجين بالافتراق في حالات خاصّة (وهذا مقتضى حكمته سبحانه) ، لأنّه لو لم يشرع قانون الطلاق ـ كما في القوانين المسيحية المشرَّعة في عصرنا الحاضر ـ لواجه الزوجان طريقاً مسدوداً في حالات الطلاق الضرورية ، ولتورّطا بنارٍ محرقة لامفرّ منها ، ولتهيأت الأرضية لوقوع كل ألوان الإنحرافات الأخلاقية والجرائم وتضييع حقوق الزوجين وأبنائهما.
نتيجة البحث :
يستنتج من مجموع الآيات المذكورة بوضوح أن حكمة الله تعالى التي هي إحدى فروع علمه ، تدل على أنّ الوجود بكل أبعاده قائم على أساس نظام وحساب دقيق وقوانين موزونة ومنسجمة ، وأنّ أفعال الله تعالى بكل أبعادها مقرونة بالحكمة ، وهذا هو مايعبر عنه بالنظام الأحسن في بعض الأحيان.