جمع الآيات وتفسيرها
ليس كمثله شيء :
تُشير الآية الاولى إلى حالة المشركين الذين كانوا يُحرّفون أسماء الله التي كانت تبيّن صفاته ، وتحذّرهم من هذا العمل : (وَللهِ الأَسْمَاءُ الحُسْنَى) أسماءٌ تعكس صفاته كما هي : (فَادُعُوهُ بِهَا وَذَرُوْا الَّذينَ يُلْحِدُونَ فِى أَسْمائِهِ).
«إلحاد» : و (لَحْد) على وزن (مَهْدْ) ، بمعنى الانحراف عن حد الإعتدال (الحد الوسط) إلى أحد الجانبين ، وسمِّي (اللّحد) الذي يحفر في القبر بهذا الاسم لأنّه يُحفَرُ في أحد جانبي القبر لتوضع الجنازة فيه حتى لا يصلها التراب الذي يُهال على القبر (١).
وأمّا معنى «الالحاد في أسماء الله تعالى» في هذه الآية ، فالكثير من المفسّرين يرون بأنّه ذو مفهومٍ عام يشمل ثلاثة امور :
الأول : هو أنّ المشركين كانوا يشتقّون أسماء أصنامهم من أسماء الله كاللات والعزّى ومناة التي كانوا يعتقدون بأنّها مشتقّة من كلمة الله ، والعزيز ، والمنّان على الترتيب.
الثاني : هو أنّه ينبغي أن لا يُدعى الله بالأسماء التي لا يرتضيها لذاته ولا تليق به عزوجل أو مشوبة بالنقائص والعيوب الخاصّة بالممكنات (المخلوقات) مثل كلمة أب التي أطلقها المسيحيّون على الله تعالى.
الثالث : أن لا يُسمّى الله بالأسماء المبهمة.
وبتعبيرٍ آخر فإنّه لا يجوز تشبيه الله بما سواه ولا تعطيل فهم صفاته ولا تسمية من سواه بأسمائه عزوجل.
كل ذلك يُشير بصورة واضحة إلى وجوب ملازمة جانب الاحتياط التام في بحث صفات الله والحذر من تسميته ووصف ذاته المقدّسة بأسماء وصفات هي من شأن الموجودات الناقصة.
لذا فقد اعتقد الكثير من العلماء بأنّ أسماء الله توقيفيّة ، أي لا يُمكن وصفه وتسميته إلّا
__________________
(١) مقاييس اللغة ؛ ومفردات الراغب.