وبالحقيقة فإنّ الآية قد تحدثت عن إرادة الله تعالى وإيجاد الأشياء لا غير ، وكما سنعلم فإنّ إرادة الله تعالى تكون على معنيين ، فمن جهة تكون عين ذاته ، ومن جهة اخرى تكون عين فعله أيضاً ، (فتأمل جيداً).
وقد ورد شيء من هذا القبيل في الآيات : ١١٧ من سورة البقرة ، ٨٢ من سورة يس ، ٥٩ و ٤٧ من سورة آل عمران ، ٣٥ من سورة مريم ، ٦٨ من سورة غافر.
ويجدر الالتفات إلى أن بعض الآيات المذكورة قد نزلت بخصوص منكري المعاد لتذكيرهم بعدم وجود شيء يصعب على الإرادة الإلهيّة إيجاده. (كالآية ٨٢ من سورة يس ، والآية المذكورة في بحثنا).
وبعضها نزلت بخصوص خلق آدم عليهالسلام من التراب (كالآية ٥٩ من سورة آل عمران).
أو خلق المسيح من دون أب (كالآية ٤٧ من سورة آل عمران ، والآية ٣٥ من سورة مريم).
أو بخصوص الابداع في خلق السموات والأرض (كالآية ١١٧ من سورة البقرة).
لا شيء يحول بينه وبين إرادته تعالى :
تحدثت الآية الثانية عن إرادة الله في الثواب والعقاب ومصير الناس ، وأشارت إلى هذه الحقيقة التي تفصح عن عدم وجود شيء يمنعه عن إمضاء إرادته بخصوص مكافأة ومعاقبة عباده ، قال تعالى : (قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ لَكُمْ مِّنَ اللهِ شَيْئاً انْ ارَادَ بِكُمْ ضَرًّا اوْ ارَادَ بِكُمْ نَفْعاً بَلْ كَانَ اللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً).
إنّ سبب تقاعسكم عن الجهاد هو إمّا لتوقي الحوادث المؤلمة لكم ولأهليكم ، وإمّا للحصول على منافع مادية وحفظ الأموال ، وجميع هذه الامور ترتبط بإرادة الله ومشيئته ، ولا أحد يملك لكم من الله شيئاً.
إنّ رسوخ هذه العقيدة في قلب الإنسان يؤدّي إلى ممارسته الأوامر الإلهيّة من دون الخوف من ضرر معين أو فوت منفعة وما شاكل ذلك ، لأنّ مقاليد جميع هذه الامور بيده تعالى.