الإلهيّة التي لايستطيع أيّ فرد بلوغ هدفه بدونها ، وما الحرية التي منحها الله للإنسان إلّا لاختباره وتربيته والعروج به في سُلم الكمال ، وحرية الإرادة الإنسانية لا تعني سلب القدرة الإلهيّة.
إضافة إلى هذا فإنّ إرادة ومشيئة الإنسان هي احدى عوامل وصوله وبلوغه أهدافه ، وهنالك مئات من العوامل الاخرى ، خارجة عن قدرته ، ولا ترتبط إلّابالله تعالى.
ومن هنا فإنّ أدب الكلام والخضوع للأمر الواقع يفرض على الإنسان أن لا ينسى عبارة : «إن شاء الله» في برامجه الخاصّة أبداً.
وجاء التأكيد هنا أيضاً على أثر «المعرفة» على أعمال الإنسان ، فإيمانه بالإرتباط بالمشيئة الإلهيّة يجعله يشعر دائماً بالفقر إلى الله وعدم الاستقلال عنه سبحانه ، فلا يصيبه الغرور أبداً ، ولا يركب مركب الأنانية ، ويزيده استقامة وصلابة في مواجهة الصعاب والمشاكل ، وينقذه من الوقوع في مخالب اليأس والقنوط لأنّه يعلم أنّ مشيئة الله أكبر من كلَ شيء.
الوحي والمشيئة الإلهيّة :
وأخيراً تحدثت الآية السابعة والأخيرة من بحثنا عن المشيئة الإلهيّة التشريعية وبصورة ظريفة ، ومن الضروري الالتفات إلى أنّ القرآن الكريم قد استعمل كلمة «الإرادة» في التكوين والتشريع بكثرة ، لكن استعمل كلمة (المشيئة) في المسائل التكوينية عادةً ، وقد استعملها في مجال التشريع والتقنين بندرة ممّا يدلّ على شمول مفهوم المشيئة للجانب التكويني بصورة أكثر). قال تعالى : (وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ انْ يُكَلِّمَهُ اللهُ الَّا) بثلاثة طرق) وَحْياً اوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ (كما تحدث مع موسى في جبل طور ، والحجاب هنا بمعنى حجاب المادة) اوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فيُوحِىَ بِاذْنِهِ مَا يَشَاءُ انَّهُ عَلىٌّ حَكيمٌ» ، فسموّه يقتضي أن لا يُرى أو يكلمه بشر ، وحكمته تقتضي أن يرسل الرسل لهداية الخلق ، ويرتبط برسله بالطرق الثلاثة المذكورة في الآية أعلاه.
* * *