وسيتضح الموضوع بصورة أفضل عند نقل بعض الأحاديث الشريفة الواردة في هذا المجال ، إن شاء الله تعالى.
* * *
٣ ـ الإرادة الإلهيّة التكوينية والتشريعية
كما ذكرنا آنفاً بأنّ المقصود من الإرادة التكوينية هي الإرادة التي يفيض منها وجود جميع الكائنات والموجودات ، أو بتعبير آخر عين إيجادها جميعاً.
أمّا الإرادة التشريعية فهي الإرادة التي تفيض منها جميع الأوامر والنواهي الإلهيّة ، وجميع الأحكام والقوانين الشرعية ، وبتعبير آخر عين هذه الأحكام والقوانين.
ومن خلال متابعة الآيات القرآنية يتضح بأنّ كلمة (إرادة) مستعملة بكلا المعنيين بشكل واسع ، في حين نجد أنّ (المشيئة) مستعملة في مجال الخلق والتكوين في الغالب ، أمّا في مجال التشريع فيندر مجيئها ، ممّا يدل على كون (المشيئة) أقرب إلى مفهوم التكوين.
* * *
٤ ـ الإرادة الالهيّة في الروايات الإسلامية
وردت في روايات أهل البيت ايضاحات كثيرة في هذا المجال ، نذكر مجموعة منها كنموذج :
١ ـ ورد في توحيد الصدوق و «عيون اخبار الرضا» عن الإمام علي بن موسى الرضا عليهالسلام جوابه عن سؤال حول إرادة الله تعالى في خلقه أنّه قال : «الإرادة من المخلوق الضمير وما يبدو له بعد ذلك من الفعل ، وأمّا من الله عزوجل فارادته احداثه لا غير ذلك لأنّه لا يُروّي ولا يهمّ ولا يتفكر ، وهذه الصفات منفية عنه ، وهي من صفات الخلق ، فارادة الله هي الفعل لا غير ذلك. يقول له كن فيكون بلا لفظ ، ولا نطقٍ بلسان ، ولا همةٍ ولا تفكر ولا كيفٍ لذلك ، كما أنّه بلا كيف» (١).
__________________
(١) بحار الأنوار ، ج ٤ ، ص ١٣٧ ، ح ٤.