وما كان الله ليعجزه من شيء :
طرحت الآية التاسعة مسألة عموميّة القدرة الإلهيّة في بُعدين :
الأول : نفي كل ألوان العجز عنه سبحانه ، والثاني : قدرته على كُلّ شيءليكون المعاندون على بصيرةٍ من أمرهم من هذه الناحية ، قال تعالى : (وَمَا كَانَ اللهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شِىءٍ في السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ انَّهُ كَانَ عَلِيماً قَدِيراً). (فاطر / ٤٤)
وفى هذه الآية لا نجد استدلالاً صريحاً على قدرة الله تعالى في أيّ من جملتي هذه الآية ، لكن الإشارة الإجمالية إلى السموات والأرض والنظام الدقيق الموجود فيهنّ ، بمثابة دليل على علم الله سبحانه وقدرته المطلقة.
والهدف من ذكر هذا الموضوع في الآية الشريفة وبقرينة صدر الآية ، هو تحذير المشركين ، والمعاندين والظالمين ، وإعلامهم بأن سلب قوتهم وقدرتهم لَيَسير جدّاً على الله تعالى كما حصل في الأمم السابقة.
وتجدر الإشارة أيضاً إلى أن منشأ العجز عن شيءٍ إمّا الجهل الذي يسلب من الشخص القدرة على مواجهة الحوادث ، وإمّا الضعف وعدم القدرة ، أَما العالم القادر فلا يغفل عن الحوادث ولا يعجز عن مواجهتها.
* * *
هو الوهاب القدير :
وبالتالي فقد طرحت الآية العاشرة والأخيرة من بحثنا نفس هذا المعنى بشكل آخر ، وبدون أن تذكر مصطلح القدرة أو تنفي العجز عن الله تعالى ، قال سبحانه : (قُلْ انَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللهِ يُؤْتيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ). (آل عمران / ٧٣)
مع أنّ أكثر المفسّرين قالوا : إنّ كلمة (واسع) هنا تُشير إلى سعة الرحمة الإلهيّة ، أو سعة قدرته ، أو كرمه ووجوده سبحانه ، ولكن من المسلَّم أن تفسيراً كهذا يحتاج إلى تقدير شيءمحذوف ، في حين أنّ الحذف والتقدير على خلاف القاعدة ولا يصح بدون قرينة.