بحث العدل الإلهي إن شاء الله تعالى.
٢ ـ المفوّضة : قالت هذه الجماعة : إنّ الله سبحانه ليست له قدرة على أعمالنا ، أو بعبارة اخرى : إنّ أفعال الإنسان خارجة عن دائرة قدرته تعالى ، وإلّا لزم (الجبر) ، لأنّ أفعال الإنسان لو كانت في دائرة القدرة الإلهيّة لحصل التضاد ، حيث يحتمل أن يريد الله تعالى فعلاً معيناً ، ويريد عبادُهُ غير ذلك!.
وخطأ هذه الجماعة ينشأ من اعتقادهم بأنّ قدرة الله تعالى على أفعالنا تتعارض مع قدرتنا على أساس أنّهما في عرض واحد ، غافلين عن أن هاتين القدرتين تقعان في طول واحد.
توضيح ذلك : إنّ الله تعالى قد خلق البشر ومنحهم الحريّة والقدرة على اتخاذ القرار ، وقادر على سلبها منهم متى شاء ، لذا فانّه سبحانه هو الذي أراد أن يكونوا فاعلين مختارين ، وعليه فإنّ أفعالهم غير خارجة عن دائرة قدرته ، لأنّ هذه الحريّة من عطائه ومتطابقة مع إرادته ومشيئته سبحانه.
وسيأتي توضيح أكثر حول هذا الموضوع في بحث الجبر والتفويض.
٣ ـ إعتقد بعض أهل السُّنة : (جماعة النَظّام) بأنّ الله تعالى غير قادر على فعل القبيح ، لأنّ الأفعال القبيحة إمّا أن تكون بسبب الجهل ، وإمّا بسبب الحاجات الكاذبة ، وبما أنّ الله تعالى منزّه عن الجهل والحاجة ، لذا فهو غير قادر على فعل القبيح أبداً!
والخطأ الذي وقعت فيه هذه الجماعة ينشأ من عدم تمييزهم بين (الإمكان الذاتي) و (الإمكان الوقوعي).
توضيح ذلك : إنّ بعض الأمور مستحيلة ذاتاً كاجتماع الضدين ، أو النقيضين ، وهو الجمع بين الوجود والعدم في حالة واحدة ، ويُطلق على هذا النوع بالمستحيل الذاتي.
أمّا الأمور غير المستحيلة ذاتاً لكنها لا تصدر من حكيمٍ كالباري تعالى مثل الظلم والفساد والأفعال القبيحة الأُخرى ، فيطلق عليها بالمستحيل الوقوعي.
ومن المسلّم به هو أنّ الله تعالى قادر على الظلم لكن حكمته تمنعه من ذلك.