لاستحالة وجود المعلول بدون علة. وإذا آمنّا بأزليته سبحانه فإنّها مصحوبة أيضاً بأبديته ، لأنّ الوجود الأزلي لامحدود حتماً ، ووجود كهذا سيكون أبديّاً بالطبع ، مضافاً إلى ذلك فإنّ نفس التفكر في حقيقة وجود الله تعالى يوصل إلى هاتين الصفتين بسهولة ، لأنّ دلائل إثبات وجود الله تفيد كونه (واجب الوجود) ، ونعلم أنّ واجب الوجود لا يُمكن أن يكون منفصلاً عن الوجود أبداً ، أو بعبارة أصح ، الوجود عين ذاته ، ولم يُعطَ له من الخارج ليُؤخذ منه في زمانٍ ما ، ووجود كهذا كان منذ الأزل وسيبقى إلى الأبد.
وقد تُجمع هاتان الصفتان في صفة واحدة هي (السرمديّة) ، لأنّ الوجود السرمدي هو الوجود الذي لا بداية له ولا نهاية كما قال بعض أرباب اللغة.
وما قاله بعض ذوي الأفكار الضيقة من إمكانية تصُّور ذات تكون وجوداً واجب الوجود في زمانٍ ، وغير واجب للوجود في زمان آخر ، إنّما هو كلام واهٍ جدّاً ولا أساس له ، ويدل على عدم فهمهم معنى (واجب الوجود) بصورة صحيحة ، لأنّه وكما قُلنا سابقاً : فإنّ واجب الوجود هو عين الوجود ، فكيف يُمكن أن ينفصل عن الوجود!؟
وكذلك مانُقِلَ عن بعض الأشاعرة من اعتقادهم بأنّ صفة البقاء والأبديّة زائدة على الذات الإلهيّة المقدّسة ، إنما يدل على عدم دقّتهم في معنى ومفهوم واجب الوجود.
* * *
٢ ـ أزلية الله تعالى وأبديته في الروايات الإسلاميّة
هنالك خُطب عديدة في نهج البلاغة أكّدت على هذا المعنى ، وكمثال على ذلك :
نقرأ في الخطبة ١٦٣ : «ليس لأوليته ابتداءٌ ، ولا لأزليته انقضاءٌ».
وجاء في الخطبة ١٨٥ : «مُستشهدٌ بحدوث الأشياء على أزليته».
كما نقرأ في نفس الخطبة : «واحدٌ لا بعدد ، ودائمٌ لا بأمد».
وجاء في اصول الكافي في فصل «معاني أسماء الله» في تفسير «هو الأول والآخر» عن الإمام الصادق عليهالسلام أنّه قال : «هو الأول قبل كل شيء وهو الآخر على مالم يزل ولا تختلف