واعتقد البعض أن كلمة (قيوم) تُعطي معنى القائم ، والحافظ ، والمدير ، والمدبّر ، لأنّه يؤمّن للأفراد أو بقية الموجودات الاخرى مايقّومُهم.
وعندما تُستعمل هذه الكلمة بخصوص الباري تعالى فإنّها تعني من يقوم بأمر المخلوقات وأرزاقهم وأعمارهم وحياتهم وموتهم ، ويُدبّر أمورهم المختلفة ، ويؤمّن احتياجاتهم.
وقد فسّرها البعض بمعنى القائم بالذات ومقوّم الموجودات الاخرى ، والذي لا يتفاوت مع المعنى السابق تفاوتاً ملحوظاً (١).
جمع الآيات وتفسيرها
الله قائم بذاته والإنسان قائم بالله :
يُلاحظ في الايتين الأولى والثانية أنّهما ـ وضمن إشارتهما إلى وحدانية الله تعالى ـ تحدثتا عن حياة الباري وقيمومته ، قال تعالى : (أَللهُ لَاإِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَىُّ القَيُّومُ).
وكما أشرنا سابقاً فإنّ حياة الباري تتفاوت كُلياً عن حياة الإنسان والحيوان والنبات ، فحياته حياة حقيقية لأنّها عين ذاته ، لا عارضة ولا مؤقتة.
حياته بمعنى العلم والقدرة (نفس الصفتَين اللتين شرحناهما في البحوث السابقة) ، لأنّهما العلامة الأصيلة للحياة.
فهو ليس قائم بذاته فحسب ، بل إنّ قيام الموجودات الاخرى ومربوبيتها وتدبير جميع أمورها بيده سبحانه.
وخلاصة الكلام ، إنّ حياته ليس لها أدنى شَبه بحياة سائر الموجودات الحيّة ، حياته (ذاتيّة) ، (أزليّة) ، (أبديّة) (ثابتة) و (خالية من كل ألوان النقص والمحدوديّة) ، حياته تدل على إحاطته العلمية بكلّ شيء ، وقدرته على كل شيء.
* * *
__________________
(١) مقاييس اللغة ؛ مفردات الراغب ؛ لسان العرب.