وبعبارة اخرى إنّ هذه الآية الشريفة تنفي عنه جميع هذه الأوهام الخاطئة وتبطلها.
ويمكن أن يكون المقصود هو تنزيهه سبحانه عن كل وصف صادر من أي أحدٍ ، لأنّ البشر لا يقدر على إدراك كُنه صفاته ، كما أنّه عاجز عن إدراك كنه ذاته.
ويتضح من مجموع هذه الآيات أنّ الذات الإلهيّة منزّهة عن أي صفةٍ تحمل أقل درجة من النقصان ، أو أدنى عيب.
ومعرفتنا بالصفات الثبوتية الإلهيّة إنّما هي بقدر طاقاتنا وقدرتنا لا بقدر مايليق بالذات الإلهيّة المقدّسة.
وهذا التنزيه مضافاً إلى شموله لذات الباري وصفاته ، فإنّه يشمل أحكامه وتشريعاته أيضاً ، فكُلُّها منزّهة عن النقصان والعيب ، لأنّها نابعة من ذاتٍ هي عين الكمال والكمال المُطلَق.
* * *
توضيح
«التشبيه» من أعظم الذنوب!
إنّ تنزيه وتقديس الباري تعالى عن صفات المخلوقين المشوبة بالنقائص دائماً ، هو ماأكدّنا عليه كِراراً ، وهو ما حثّتْ عليه الأحاديث الإسلاميّة بصورةٍ مستمرة ، لأنّه لا يُمكن التوصُّل إلى حقيقة معرفة الله تعالى بدونه ، أو بتعبيرٍ آخر سيكون التوحيد مقترناً مع الشرك.
ومن جهةٍ اخرى فإنّ فصل الصفات «الثبوتية» عن «السلبية» يحصل في افق أذهاننا فقط ، وإلّا فالذات الإلهيّة المقدّسة حقيقة واحدة ، فقد ننظر إليها من زاوية الوجود فنرى كماله المطلق ، وعلمه المطلق ، وقدرته المطلقة سبحانه ، وأحياناً من زاوية نزاهتها عن الحاجة والنقص ، فنراها منزّهة عن الجهل والعجز ، وكل ألوان النقصان.
لذا فعدم معرفة الصفات السلبيّة يؤدّي إلى عدم معرفة الصفات الثبوتيّة ، ونقصان المعرفة في مرحلة يؤدّي إلى نقصانها في مرحلةٍ اخرى.
وفي هذا المجال لابدّ لنا من التوجه إلى بعض الإشارات الواردة في الأحاديث الإسلامية التالية :