١ و ٢ ـ نفي الرؤية والجسميّة
تمهيد :
مر علينا قسم من الصفات السلبية في مباحث التوحيد ضمن بيان وحدانية الذات الإلهيّة وبساطة وجوده تعالى ، ونفي الجزئية والتشبيه عنه.
إنّ الموضوع الأكثر أهميّة في هذا البحث والذي صار معرضاً للنقاش والجدل على مرِّ تاريخ علم الكلام ، هو المسائل التي سنطرحها في هذا الفصل.
ومنها : إنّ الله عزوجل ليس له جسم ولا يمكن رؤيته ، ولا يسعه محل ومكان ، وهذه الصفات السلبيّة الثلاثة متلازمة ، أي لو كان مرئياً لاستلزم أن يكون له جسمٌ ومكانٌ ، وإن لم يكن له مكان لم يكن جسماً حتماً ، ولم يكن مرئياً بطريق أولى.
وإدراك هذاالمفهوم وهو أن الله تعالى لا يُمكن أن يكون من سنخ الأجسام ـ بإلالتفات إلى دلائل معرفة الله تعالى لا يُعدُّ مسألةً معقّدة ، ولكن ، وبسبب بحث ذوي الأفكار الضيقة ، واولئك الذين لم تخرج عقولهم عن إطار الحس فيبحثون غالباً عن إله جسمانيّ ، كان لعقيدة جسمانية الله مؤيدون في الأقوام الماضية ، وحتى من قبل جماعة من المسلمين «القشريين المتحجرّين».
لذا فقد أكّد القرآن الكريم على مسألة نفي الجسميّة والمكان والجهة عن الله سبحانه وتعالى.
بهذا التمهيد. ننطلق إلى القرآن الكريم لنتأمل خاشعين في الآيات القرآنية التالية :
١ ـ (لَّاتُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الخَبِيرُ) (الأنعام / ١٠٣)
٢ ـ (وَلَمَّا جَآءَ مُوْسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِى أَنْظُرْ الَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِى وَلَكِنِ