ياموسى ارنا الله جهرة!
تحدثت الآية الثانية عن القصة المعروفة لبني إسرائيل الذين ألحّوا على موسى عليهالسلام ليريهم الله تعالى ، فأخذهم موسى بأمرٍ من الباري عزوجل إلى جبل (طور) ليحصلوا على جواب ماسألوا ، فحدثت هناك حادثة عجيبة انكشفت فيها جميع الحقائق المرتبطة بهذا الموضوع.
قال تعالى : (وَلَمَّا جَآءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ). فسمع موسى عليهالسلام هذا الجواب الجلي الواضح من ربّه : (قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي).
فنظر موسى عليهالسلام وسبعون رجُلا" من بني اسرائيل ، الذين كانوا معه إلى الجبل فتجلّى الله للجبل : (فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكّاً وَخَرَّ مُوسَى صَعِقاً).
وكذلك الحال بالنسبة لمن معه من بني اسرائيل : (فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤمِنِينَ).
ولتكملة تفسير هذه الآية ينبغي الإجابة هنا عن عدّة أسئلة :
الأول : إذا كانت مشاهدة جمال الله مُحالةً (كما يُستنتج من عبارة (لَنْ تَرَانِي) فَلِمَ سأل موسى ربّه الرؤية مع أنّه كان رسولا"؟
يُمكن الإجابة عن هذا السؤال بسهولة وذلك بالإستعانة بآياتٍ قرآنيةٍ اخرى ، وهو : إنّ هذا السؤال صدر من جُهلاء بني إسرائيل الذين كانوا يُشكلون الأغلبية ، كما نجد في القرآن الكريم أنّ موسى عليهالسلام قال بعد هذه الحادثة مخاطباً ربّه : (أَتُهلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا)؟ (الأعراف / ١٥٥)
فيُستنتج من هذا التعبير أنّ هذا السؤال لم يصدر من موسى عليهالسلام ، بل قد تعرض لضغوط أجبرته على طرح سؤال أولئك الجهلاء ليحصل لهم على جواب من ربّه وكذلك لألقاء الحجة عليهم.
ويستفاد بوضوح من قوله تعالى : (يَسْأَلُك أَهْلُ الكِتَابِ أَن تُنَزِّلَ عَلَيْهِم كِتَابَاً مِّن السَّمَاءِ