لكل جسمٍ أجزاء ، علاوةً على خضوع جميع الأجسام للتغيُّر والتحوُّل ، وكونها ذات عوارض كاللون والحجم والأبعاد.
في حين أنّ واجب الوجود ليس لَهُ جزء ، وغير خاضع للتغيُّر والتحول؟ ولا يقع محلاً للحوادث ، ولا يعترضُه شيء ، فجميعها من صفات الممكنات.
قال بعض مؤيدي عقيدة إمكانية الرؤية في مقابل هذا الاستدلال : (ليس لدينا أي دليلٍ على كون الرؤية البصرية مخصوصة بالأجسام؟ فما المانع في أن تُرى الأمور غير الماديّة بالعين؟ وخاصةً إذا ما تغيرت القدرة البصريّة وصارت بمستوى أقوى ممّا هي عليه الآن؟
إنّ بُطلان هذا الكلام بيّن ، لأنّ الرؤية البصريّة ذات حالة ماديّة ، وهذا الأمر المادي يتعلق بالأمور الماديّة حتماً ، وليس من المعقول أن يرى الإنسان ما وراء المادّة بالوسائل الماديّة.
يقول العلامة الطباطبائي رحمهالله حول هذه المسألة في تفسير الميزان : «الرؤية البصرية سواءً كانت على هذه الصفة التي هي عليها اليوم أو تحولت إلى أيّ صفة اخرى ، هي معها مادية طبيعية متعلقة بقدر وشكل ولون وضوء تعملها أداة مادية طبيعية فانّها مستحيلة التعلق بالله سبحانه في الدنيا والآخرة» (١).
علاوةً على هذا فالآيات القرآنية صرحت : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىْءٌ). (الشورى / الآية ١١) لذا فهو ليس له شبهٌ بالأجسام الماديّة؟ وليس شيئاً مادياً يمكن مشاهدته ، فلا يحدّه مكان ولا زمان ، ولا يمكن الإشارة إليه بشكل محسوس.
* * *
٢ ـ منطق القائلين بامكانية الرؤية
انقسم المسلمون في مسألة رؤية الله إلى ثلاث طوائف :
الطائفة الأولى : التي انضمّ إليها الفلاسفة والمحققون العظام ، حيث تعتقد بأنّ رؤية الله أمر محال مطلقاً.
__________________
(١) تفسير الميزان ، ج ٨ ، ص ٢٦٩.