مشكلة المشاهدة والرؤية ، ولا يصحُّ استعمال لفظ الرؤية هنا سوى بالمعنى المجازي.
والسبب الذي أدى بالأشاعرة وأمثالهم إلى الاعتقاد بمسألة رؤية الله يوم القيامة هو التقيُّد ببعض الروايات التي يوهم ظاهِرُها بشيءٍ من هذا القبيل ، وسنتعرض لها في البحث الذي يلي هذا البحث إن شاء الله.
* * *
٣ ـ الروايات الدالّة على انتفاء رؤية الله
هنالك روايات وردت في نهج البلاغة ، وكذلك سائر مصادر علوم أهل البيت عليهمالسلام تُصرّح بانتفاء رؤية الله تعالى بالعين الظاهريّة ، وتتخذ من الرؤية بعين البصيرة بديلاً لها ، نذكر قسماً منها كنموذج :
١ ـ نقرأ في الرواية المعروفة الواردة في نهج البلاغة؟
وقد سأله ذعلب اليماني فقال : هل رأيت ربك ياأمير المؤمنين؟ فقال عليهالسلام : «أفأعبد مالا أرى؟» فقال : وكيف تراه؟ فقال عليهالسلام : «لا تدركه (تراه) العيون بمشاهدة العيان ، ولكن تدركه القلوب بحقائق الإيمان» (١).
٢ ـ ورد في رواية : إنّ أبا هاشم الجعفري سأل الإمام الباقر عليهالسلام ، وكان من أصحابه عليهالسلام عن تفسير قوله تعالى : «لا تدركه الأبصار وهو يدرك الابصار»؟ فقال : «يا أبا هاشم أوهام القلوب أدقُّ من أبصار العيون ، أنت قد تدرك بوهمك السند والهند والبلدان التي لم تدخلها ، ولا تدركها ببصرك ، وأوهام القلوب لا تدركه فكيف أبصار العيون؟!» (٢).
٣ ـ ونقرأ في حديث آخر أن أحد الخوارج سأل الإمام الباقر عليهالسلام : أيّ شيءٍ تعبدُ؟ قال : «الله تعالى» ، قال : رأيته؟ قال : «بل لم تره العيون بمشاهدة الأبصار ولكن رأته القلوب بحقائق الإيمان ، لا يعرف بالقياس ولا يُدرك بالحواس ولا يُشبَّه بالناس ؛ موصوف بالآيات ،
__________________
(١) نهج البلاغة ، الخطبة ١٧٩.
(٢) اصول الكافي ، ج ١ ، ص ٩٩ ، (باب في ابطال الرؤية) ح ١١.