عن الله عزوجل إلى الثقلين الجن والانس «لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار» «ولا يحيطون به علماً» «وليس كمثله شيءٌ» أليس محمد صلىاللهعليهوآله» قال : بلى؟ قال : «فكيف يجىءُ رجلٌ إلى الخلق جميعاً فيخبرهم أنّه جاء من عند الله وأنّه يدعوهم إلى الله بأمر الله ويقول «لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار» «ولا يحيطون به علماً» «وليس كمثله شيءٌ» ثم يقول : أنا رأيته بعيني ، وأحطتُ به علماً وهو على صورة البشر ، أمّا تستحيون؟ ما قدرت الزنادقة أن ترميه بهذا أن يكون يأتي عن الله بشيءٍ ، ثم يأتي بخلافه من وجه آخر» (١).
إنّ الأحاديث الواردة حول هذا الموضوع كثيرة ، فقد ذكر المرحوم العلّامة المجلسي في بحار الأنوار حوالي ٣٤ حديثاً ، والمرحوم الصدوق في كتاب التوحيد ٢٤ حديثاً ، والمرحوم الكليني في اصول الكافي ١٢ حديثاً ، وكلهاتدل على خلوص وطهارة المذهب التوحيدي لأهل بيت الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآله ، الذي انتشر بين المسلمين ، وما ذكرنا أعلاه يُعدُّ جانباً منه ، والذي يفنّد خرافة (رؤية الله) بالعين الظاهريّة (٢).
خلاصة الكلام هو أنّ بطلان مسألة (رؤية الله) بالعين الظاهرية أمربَيّن وواضح من حيث الدليل العقلي ، وكذلك من خلال القرآن والروايات الإسلاميّة الصحيحة.
والآن نتوجه إلى شبهات القائلين بإمكان الرؤية وأجوبتها :
* * *
٤ ـ أدلّة القائلين بالرؤية الظاهريّة
وكما أشرنا فيما مضى ، فإنّ هناك جماعة من علماء أهل السُّنّة الماضين وحتى المعاصرين المؤيدين لمسألة الرؤية ، يصرحون أحياناً بإمكانية رؤية الله بالعين الظاهرية هذه ، ولكن لا في الدنيا ، بل في الآخرة! وأحياناً اخرى يؤوّلون ذلك بقولهم : (إنّ الله يُرى في الآخرة بواسطة الحاسة السادسة التي يخلقها لعباده المؤمنين ، أو بعينٍ غير هذه العين
__________________
(١) توحيد الصدوق ، ص ١١١ ، ح ٩.
(٢) راجع بحار الأنوار ، ج ٤ ص ٢٦ ؛ وتوحيد الصدوق ، ص ١٠٧ ـ ١٢٢ ؛ وأصول الكافي ، ج ١ ، ص ٩٥ ـ ٩٩.