٥ ـ (وَلَقَدْ خَلَقنَا الإِنسَانَ وَنَعلَمُ ما تُوَسْوِسُ بِهِ نَفسُهُ ونَحنُ أَقرَبُ إِلَيهِ مِن حَبلِ الوَرِيدِ). (ق / ١٦)
٦ ـ (هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَىءٍ عَلِيمٌ). (الحديد / ٣)
٧ ـ (وَأَنْتُم حِينَئذٍ تَنظُرُونَ* وَنَحنُ أَقرَبُ إِلَيهِ مِنكُم وَلَكِن لّاتُبصِرُونَ) (١). (الواقعة / ٨٤ ـ ٨٥)
جمع الآيات وتفسيرها
أينما تُولوا فثم وجه الله :
حاول اليهود بعد مسألة تغيير القبلة (من بيت المقدس نحو الكعبة) إلى إيجاد شُبهة في إذهان المسلمين من خلال هذه المسألة ، واعتبار تغيير القبلة دليلا" على عدم ثبات الرسول محمد صلىاللهعليهوآله على رسالته ، فنزلت الآية الأولى من بحثنا وبيّنت : (وَللهِ الْمَشرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ إِنَّ اللهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ).
فهو حاضر في كُلّ مكان وبكل شيءٍ عليم ، لذا فأينما تولّوا فثمّ وجهه ، وإمّا الغرض من التوجه نحو القبلة فهو لتمركز توجُّه المؤمنين إلى أنّ الله عزوجل له محل خاص او جهة معينّة وهي القبلة ، فوجوده واسع إلى درجة كونه حاضراً ورقيباً في كل مكان ، وفي نفس الوقت ليس له محل أو مكان خاص!
وطبعاً ليس المقصود من كلمتي المشرق والمغرب في الآية المذكورة الجهتَين الجُغرافيّتَين ، بل هو تعبير كنائي عن جميع العالم ، كما أننا عندما نريد أن نقول : إنّ أعداء علي عليهالسلام حاولوا إخفاء فضائله ، وشيعته أخفوها أيضاً خوفاً من أعدائه ، ومع ذلك فإنّ فضائله ملأت العالم ، نقول : (إنّ فضائله ملأت الشرق والغرب!).
وعلى أيّة حال فإنّ تَعبير (فَأَيْنَما تَوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ) هو تعبير حيّ وواضح على عدم إحاطة المكان بالله تعالى.
__________________
(١) ماذُكِر أعلاه هو قسم مجمل من هذه الآيات ، وتوجد آيات قرآنية مشابهة للتي ذكرناها كالآية ٢٠ من سورة البروج ؛ والآية ٣ من سورة الأنعام.