قال بعض المفسّرين : إنّ هذه الآية خير دليلٍ على هذا الموضوع ، وهو عدم تواجد الله في السماء ، لأنّه يقول : (فِى السَّمَاءِ إِلهٌ وَفِى الأَرضِ الهٌ) ويعني أنّ نسبة وجوده في السماء وفي الأرض متساوية ، وبما أنّ الأرض لا تعتبر مكاناً له ، فكذلك السماء أيضاً (١).
وقال البعض الآخر من المفسّرين : إنّ مقصود هذه الآية هو أنّه معبود في السماء وفي الأرض ، فالملائكة تعبده في السماء وفي الأرض تسجد له موجوداتها.
وفي حديثٍ ظريف ورد أنّ أحد زنادقة عصر الإمام الصادق عليهالسلام وهو «أبو شاكر الديصاني» قال لهشام بن الحكم : إنّ في القرآن آية هي قولنا. قلت : وما هي؟ فقال : (وَهُوَ الَّذِى فِى السَّمَاءِ الهٌ وَفِى الأَرضِ الهٌ) ، فلم أدر بما أجيبه! فحججت فخبرت أبا عبد الله عليهالسلام فقال : هذا كلام زنديق خبيث إذا رجعت إليه فقل : ما إسمك بالكوفة فانّه يقول : فلان ، فقل له : ما اسمك بالبصرة؟ فانّه يقول : فلان ، فقل كذلك الله ربّنا في السماء إلهٌ ، وفي الأرض إله ، وفي البحار إله وفي القفار إله ، وفي كل مكان إله ، قال : فقدمت فأتيت أبا شاكر فأخبرته فقال : هذه نقلت من الحجاز (٢).
إنّ هذا التعبير يُعَدُّ إشارةً إلى أنّ الله تعالى لا مكان له من جهة ، وحضوره في كل مكان من جهة اخرى ، كقولنا : (إثنان زائد اثنين يساوي أربعة) ، فإنّ هذه المعادلة الرياضية كما أنّها في الأرض ، كذلك فانّها في السماء وفي جميع المجرّات ، وفي نفس الوقت ليس لهذه المعادلة الرياضيّة محلٌّ معين ، فيمكن أن نقول : بانّها في كل مكان وليس لها مكان في آنٍ واحد.
* * *
وهو معكم أينما كنتم!
تقول الآية الثالثة بصراحة (وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُم). ولأنّه كذلك فهو بما تعملون بصير : (وَالله بَمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ).
__________________
(١) تفسير الكبير ، ج ٢٧ ، ص ٢٣٢.
(٢) تفسير نور الثقلين ، ج ٤ ، ص ٦١٧ ، ح ٩٨.