نحن لا نقول بأنّنا نجهل أصل وجوده ـ سبحانه ـ ولا نعرف شيئاً عن علمه وقدرته وإرادته وحياته ، بل نقول بأنّ لدينا معرفة إجمالية عن جميع هذه الامور ولا يمكننا أن ندرك كُنهها وعمقها بتاتاً ، وقد حارت عقول جميع عقلاء وحكماء العالم ـ دون استثناء ـ في هذا الطريق.
٣ ـ النهي عن التشبيه في الروايات الإسلاميّة
بما أنّ منزلق التشبيه الخطر يواجه جميع السائرين في طريق معرفة الله ، فإننا نجد تحذيرات كثيرة وردت في الروايات الإسلامية في هذا المجال مع العلم أنّ كنوزاً وفيرة من العلم والحكمة والإرشادات الدقيقة وردت في الأحاديث الشريفة المرويّة عن أهل البيت عليهمالسلام بهذا الصدد ، وكنموذج منها ننقل عدّة روايات من الكافي :
١ ـ قال أمير المؤمنين في خطبة الأشباح :
«وَأشهدُ أنَّ من ساواكَ بِشَىءٍ مِنْ خَلقكَ فقَدْ عَدلَ بِكَ ، وَالعادلُ بِكَ كافِرٌ بِما تَنَزَّلَتْ بِهِ مُحْكَماتُ آياتِكَ ، وَنَطَقَتْ عَنْهُ شَواهِدُ حُجَجِ بيِّناتكَ ، وَإنّكَ أنتَ اللهُ الَّذي لَمْ تَتَناهَ في العُقُولِ فَتَكُونَ في مَهَبِّ فِكرها مُكيَّفاً ، وَلا في رَويَّات خَواطِرها فَتَكُونَ مَحدُوداً مُصَرَّفا» (١).
٢ ـ ورد في الحديث الشريف عن الإمام علي بن موسى الرضا عليهالسلام في هذا المجال توضيح جميل في جوابه لأحد المحدّثين باسم (أبو قرّة) عند سؤاله عن التوحيد ، حيث قال أبو قرّة للإمام : إنا روينا أنّ الله عزوجل قسم الرؤية والكلام بين اثنين فقسم لموسى عليهالسلام الكلام ولمحمد صلىاللهعليهوآله الرؤية ، فقال أبو الحسن عليهالسلام : «فمن المبلغ عن الله عزوجل إلى الثقلين الجن والأنس «لاتُدْرِكُهُ الأَبْصارُ وَهُو يُدرِكُ الأَبصارَ» «وَلا يُحِيطُونَ بِه عِلْماً» «وَلَيسَ
__________________
في الاجابة عن ذلك نقول : إننا أخذنا هذا المصطلح من كلمتين هما (لا) أي النفي والعدم و (متناهي) أي بمعنى (المحدود) ، أي أن نتصور هاتين الكلمتين منفصلتين عن بعضهما (لا ومتناهي) اولاً ثم نركبهما مع بعضهما لنشير بهما إلى موجودٍ لايسعه الخيال والتصور فنحصل منها على معنى إجمالي (تأمل جيداً).
(١) نهج البلاغة ، الخطبة ٩١.