وخلاصة الكلام هو أنّ وضوح تفسير مثل هذه الآيات موقوف على قليل من الدقّة ، والرجوع إلى الآيات المحكمات بالنسبة إلى نفي الجسم ، والمكان ، والزمان لله سبحانه وتعالى ، فلا يبقى محلٌ للاشتباه والشك والريب.
* * *
٧ ـ المتصوّفة ومسألة الحلول
قال العلّامة الحلّي رحمهالله في كتاب نهج الحق : «إنّ إتحاد الله مع غيره بحيث يصيران شيئاً واحداً باطل ، بل وبطلانه يُعَدُّ من البديهيات ، ، ثم أضاف قائلاً : رفض جماعة من متصوفة أهل السُّنة هذه الحقيقة وقالوا : إنّ الله يتحد مع بدن العرفاء ويصيرا شيئاً واحداً!! وحتى قال بعضهم : الله عين الموجودات وكل موجودٍ هو الله ، إشارة إلى مسألة وحدة الوجود المصداقيّة ، ثم قال : هذا عين الكفر والإلحاد ، والحمد لله الذي أبعدنا عن أصحاب هذه العقائد الباطلة ببركة الإلتزام بمذهب أئمة أهل البيت عليهمالسلام.
وقال في بحث الحلول : من المسائل المسلَّم بها أنّ أيّ موجودٍ يريد أن يحلّ في آخر يحتاج إلى مكان ، ولأنّ الله واجب الوجود ولا يحتاج إلى شيء ، إذن فحلوله في الأشياء مُحال.
ثم أضاف قائلاً : «رفض متصوفة أهل السُّنَة هذه المسألة واعتقدوا بإمكانية حلول الله في بدن العرفاء» ، ثمَّ ذمَّ هذه الجماعة بشدة وقال : ولقد شاهدتُ جماعة من الصوفية في حضرة الإمام الحسين عليهالسلام وقد صلّوا صلاة المغرب سوى شخصٍ واحدٍ منهم كان جالساً لم يُصلِّ ، ثم صلّوا بعد ساعةٍ صلاة العشاء سوى ذلك الشخص الذي ظلّ جالساً!.
فسألتُ بعضهم عن ترك صلاة ذلك الشخص فقال : ما حاجة هذا إلى الصلاة وقد وصل! أَفهل يجوز أن يجْعلَ بينه وبين الله تعالى حاجباً؟ فقلتُ : لا ، فقال : الصلاة حاجب بين العبد وربّه!» (١).
__________________
ـ في بعض الآيات السابقة ، وقالوا : إنّ على هذه الجماعة من الكفار أن ينتظروا مجي أمر الله بالعذاب ومجي ملائكة الحساب لمحاسبتهم.
(١) نهج الحق ، ص ٥٨ و ٥٩.