أمّا كلمة (كافي) فهي مأخوذة من مادّة (كفاية) طبقاً لما جاء في مقاييس اللغة ولسان العرب ـ وهي تعني الإقدام على عملٍ معيّن والتمكُّن منه ، ولكن الراغب يقول في مفرداته : (الكفاية) هي رفع حاجةٍ والوصول إلى المقصود ، و (كُفية) ـ على وزن كنية ـ تعني الغذاء الكافي ، و (كفيّ) ـ على وزن (خفيّ) ـ تعني المطرالذي يحلُّ مشكلة الجفاف (١).
وعندما تُستعمل هذه الكلمة بخصوص الله سبحانه فإنّها تعني المدير لأمور عباده وحلّال مشاكلهم والمبلّغ ـ من يتوكّل عليه ـ مناه دون أن يكله إلى غيره.
وقد مرّ علينا في الدعاء : (يا كافى المهمّات) أو مثله (يَا كَافِى مِن كُلِّ شَىء).
إنّ مفهوم هذه الصفة الإلهيّة ذو جانبين ، فمن جهة يزيل سُحُب اليأس والقنوط المظلمة عن سماء روح الإنسان ، ويمنع من استسلام وركوع الإنسان لعظمة حجم المشاكل ، لأنّه (أيّ الإنسان المؤمن) يعلم أنّ معبوده يُدعى بالكافي ويكفيه ما يهمّه من أموره ومشكلاته ، قال تعالى : (أَلَيسَ اللهُ بِكَافٍ عَبدَهُ)!؟ (الزمر / ٣٦)
ومن جهة اخرى ، ومن باب التخلُّق بأخلاق الله ، يلهمه الجدّ والاجتهاد في كفاية الضعفاء والمحرومين أمورهم مهما أمكنه ، ويعكس شعاعاً من أنوار الصفات الإلهيّة في نفسه في هذا المجال.
* * *
٤٤ ـ الحسيب ٤٥ ـ سريع الحساب ٤٦ ـ أسرع الحاسبين ٤٧ ـ سريع العقاب ٤٨ ـ شديدُ العقاب
تشير الصفات الخمس المذكورة أعلاه ، والتي هي من صفات الفعل ، إلى مسألتي الحساب والعقاب بصورة عامّة ، وتُعدُّ تحذيراً للعباد ليُراقبوا أعمالهم خشية اقتراف الذنوب والتخلُّف عن أداء الوظائف والتعدّي على حقوق الآخرين ، ولا ينسوا في حالات الضعف
__________________
(١) تاج العروس في شرح القاموس ، مادّة (كفيّ).