النّعم العظيمة التي أُعدّت له ، أو لحضوره بين يديّ الله ، أو لكون جهاده في سبيل الشهادة بالحق ، أو لسقوطه على الأرض ، لأنّ إحدى أسماء الأرض (شاهدة).
ويُسمّى يوم الجمعة أيضاً (شاهداً) لأنّه يشهد اجتماع المسلمين ، ويُسمّى يوم عرفة (مشهوداً) لحضور حجّاج بيت الله الحرام فيه.
وعلى أيّة حال ، إنّ اطلاق هذه الصفة على الذات الإلهيّة المقدّسة إمّا بسبب حضوره في كل مكان ، أو لشهادته على جميع أعمال العباد (١).
والبلاغ الذي تحمله هذه الصفة الإلهيّة إلى الجميع هو أنّها تلفتهم إلى حضوره جل وعلا في كُلّ مكان ، واطّلاعه على أعمال العباد ، فليس الملائكة وكتبة الأعمال فقط ، ولا أعضاء بدن الإنسان والزمان والمكان الذي يعيش فيه يشهدون أعماله ، بل الأدهى من ذلك كُلّه هو شهادة الذات الإلهيّة المقدّسة ، ومن المسلَّم به هو أنّ الالتفات إلى هذه الحقيقة والإيمان بها له أثر بليغ في أن يصلحَ الإنسانُ أعماله وحركاته.
أجَلْ ، إنّ الإيمان بالله سبحانه وتعالى ومعرفة صفاته يُعَدُّ من أهم وسائل تربيتنا.
* * *
٥٩ ـ الهادي
الهداية كُلّها من عند الله ، سواءً كانت من حيث التكوين وقوانين الخَلْق ، أمْ من ناحية التشريع والتعليم والتربية والأحكام الشرعيّة.
فهو الذي يرعى النطفة الحقيرة ويهديها في مراحل تكامل الجنين ويصنع منها إنساناً عظيماً.
وهو الذي يأخذ بأيدي العباد ويخلّصهم من وادي الضلال ويهديهم إلى جادّة الهداية
__________________
(١) يقول ابن منظور في لسان العرب والزبيدي في شرح القاموس : «الشهيد» من بين أسماء الله يعني الأمين في شهادته ، وقال البعض : الشهيد : هو مَنْ لا يخفى عن علمه شيء ، والشهيد معناه الحاضر (طبعاً لا بمعنى الحضور (المكاني) بل بمعنى الإحاطة الوجودية.