إنَّ الله الذي غطّت أمواج هدايته جميع مَنْ في الوجود ، لو حُرِمْنا من هدايتِهِ التكوينيّة والتشريعيّة لحظة لضلَلْنا وهلكنا.
وقد ذُكِرَ في المفردات للهداية أربع مراحل (بالاستشهاد بالآيات القرآنية).
١ ـ الهداية العامّة التي تشمل جميع المكلّفين ، وهي نوعٌ من (الهداية التكوينية) والتي تشمل العقل ، والذكاء ، والمعلومات الفطرية والضرورية ، وهي ماوردت في الآية ٥٠ من سورة طه : (رَبُّنَا الَّذِى أَعطَى كُلَّ شَىءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى).
٢ ـ الهداية التي تتحقق بواسطة أنبياء الله ورسُله والكتب السماويّة (الهداية التشريعية) ، وقد أشارت إليها الآية ٢٤ من سورة السجدة : (وَجَعَلنَا مِنهُم أَئِمَّةً يَهدُونَ بِأَمْرِنَا).
٣ ـ الهداية بمعنى (التوفيق) الخاصّ بجماعةٍ من العباد ، وقد أشارت القرآن اى هذا المعنى في قوله تعالى : (وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى). (محمد / ١٧)
٤ ـ الهداية الأخروية إلى الجنّة (أي بمعنى الثواب الإلهي) ، كما ورد عن لسان أهل الجنّة : (الحَمدُ لِلَّهِ الَّذِى هَدَانَا لِهَذَا). (الأعراف / ٤٣)
وهذه المراحل الأربع المتتالية ، فإن لم تحصل الأولى لن تحصل الثانية وإن لم تحصل الثانية ، لن تحصل الثالثة ، وهكذا ....
وأخيراً ، إنّ البلاغ الذي تحمله هذه الصفة الإلهيّة في طيّاتها هو إنّها تقول لنا من جهة : أنّ كل ما في الوجود مسخّرٌ بأمر الله لهدايتكم ، وعليكم أنتم أن تستعينوا بهذه السُبُل ، وتلبّوا هذا النداء الإلهي ، وتطووا هذه المرحلة بالطاعة التكوينية والتشريعيّة لتنجوا من الظلمات والضلال.
ومن جهةٍ اخرى : إنّ التخلق بهذه الصفة الإلهيّة يوجب على أي واحدٍ منّا أنْ يسعى لهداية الآخرين ، ويُعين أبناء نوعه ، ويسلك بهم مراحل الكمال المختلفة ليوصلهم إلى الهدف المنشود (بيت القصيد) ، أي معرفة الله وتجلّي أسمائه وصفاته.
* * *