جمع الآيات وتفسيرها
إنَّ كلمة (خير) وفق المشهور بين أرباب اللغة والنحويين هي من (أفعل التفضيل) ، وقد كانت بالأصل (أَخْيَرْ) ـ على وزن أفضل ـ فحُذفت همزتها وانتقلت الفتحة إلى الخاء فصارت (خَيرْ).
وطبقاً لما قاله الراغب في مفرداته فإنَّ كلمة (خَيرْ) تعني الشيء المفضّل لدى الجميع ، كالعقل ، والعدل ، والفضيلة ، والأشياء المفيدة ، وضدّه (شرّ) ، ثم قسّم (خير) إلى نوعين :
الخير المطلق الذي يميل إليه الجميع ، كالجنّة ، والخير النسبي المفيد بالنسبة لبعض الأفراد كالمال الذي قد يصير منشأً لسعادة البعض ، وتعاسة البعض الآخر!
ولكن ذُكِرَ في مقاييس اللغة بأنّ معناه الأصلي هو : (الرغبة إلى شيء معيّن) ، ثم أُطلق على «الأشياء المحبّبة» ، وفي مقابله (شَر) ، وقد فسّره بعض أرباب اللغة أيضاً بمعنى الكَرَم والإنعام ، في حين اقتنع البعض الآخر بأنّ الخير هو النقطة المقابلة (المعاكسة) للشّر.
وأحياناً استُعمِلَتْ هذه الكلمة بمعنى خاص (مثلاً بمعنى المال ، أو هو نهر في الجنّة ينبع من عين الكوثر ، أو المنازل الخاصّة في الجنّة) ، وكلمة (خَيار) أو (اختيار) المشتقّة من هذه الكلمة تعني انتخاب الشيء الأفضل.
وعندما تُطلق هذه الكلمة على الذات الإلهيّة المقدّسة فَلها حالتان : فأحياناً تكون مطلقة ومجرّدة عن أيّ قيدٍ أو شرطٍ ، مثل قوله تعالى : (وَاللهُ خَيرٌ وَأَبقى). (طه / ٧٣)
هذا ماقاله سَحَرَة فرعون بعد أن آمنوا بموسى عليهالسلام.
ففي هذه الحالة تعني الأفضليّة من جميع الجهات ، وفي الواقع ، ليس هناك خير مطلق في عالم الوجود سوى الله سبحانه وتعالى ، فهو الأفضل والأحسن والأشرف وجوداً من جميع النواحي ، وأحياناً اخرى تُطلق هذه الكلمة على الذات الإلهيّة المقدّسة بعد أن تُضاف إلى شيء كالأسماء المقدّسة المذكورة في الآيات العشر.
وفي جميع هذه الموارد ذُكِرَ الله في القياس مع الآخرين ، وطبعاً أنّ هذا القياس من قسم من الجهات فقط وإلّا فالذات الإلهيّة المقدّسة لاتُقاس أبداً مع سائر الموجودات.
* * *