شرح المفردات :
إشتقتْ كلمة «صادق» من مادّة «صدق» ، وكما قال الراغب : إنّها ضدّ الكذب ، وبالأصل من أوصاف الكلام والأخبار ، فأحياناً صادقة وأحياناً كاذبة ، وأحياناً تُستعمل عرضاً في الإستفهام والأمر والدعاء أيضاً ، كأنّ يقول أحد : (أَفُلان في الدار) أي إنّه يقصد بأنّه لا يدري بوجود فلان في الدار أو عدم وجوده ، (لذا فقد نقول أحياناً : إنّه يكذب ، فهو يعلم بوجود فلان في الدار).
وَحقيقة الصدق هي تطابُق الحديث مع الأعتقاد والواقع ، لذا فلو تحدّث أحد طبق الواقع ولكن خلاف ما يعتَقِدُ به فهو كاذب ، كقول المنافقين لرسول الله صلىاللهعليهوآله : «نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللهِ» ، فقال تعالى ردّاً عليهم : (وَاللهُ يَشهَدُ إِنَّ المُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ). (المنافقون / ١)
وقد يُستعمل الكذب والصدق في مورد الأفعال والأعمال أيضاً ، فمن يؤدّي أعماله وفق وظيفته الواجبة يُدعى صادقاً ، وإذا عمل على خلافها يُدعى كاذباً ، فمثلاً يُقال لِمَن يؤدّي حق الحرب والقتال : (صدق في القتال) وإن لم يفعل يُقال (كذب في القتال) ، وآية : (لَقَد صَدَقَ اللهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالحَقِّ) ، التي نزلت بشأن تحقق رؤيا الرسول صلىاللهعليهوآله بخصوص فتح مكة ودخول المسلمين المسجد الحرام منتصرين ، نموذج على هذا المطلب (١).
وكلمة (صدقة) التي تُستعمل بخصوص الأموال التي يبذلها الإنسان في سبيل الله بقصد القربة ، إنّما سُميت بهذا الاسم لأنّ الإنسان يُصدّق بواسطتها إخلاصه بعمله ، وكذلك تسمية المهر (صداق) لأنّه دليل عمليٌّ على صدق الزوج إزاء زوجته.
ولكن ما قاله الراغب حول عناصر الصدق الأساسيّة ، ووجوب مطابقة الكلام للواقع ، واعتقاد المتكلّم ، محل اختلاف شديد بين العلماء ، فاعتقد البعض منهم كفاية تطابُقه مع المُعتَقد فقط ، واشترط البعض الآخر تطابُقه مع الواقع فقط ، ولا محل هنا لشرح ذلك.
هذا في حين اعتقد (ابن فارس) في (مقاييس اللغة» بأنّ أصل «الصدق) هو القوّة الموجودة في شيء وإنّما سُمي الكلام المطابق للواقع صدقاً بسبب قوّته ، لذا يُسمّى الرمح
__________________
(١) المفردات ، مادة (صدق) ، باختصار.