بمعنى (العدالة) ، وهو عندما يُعطى نصيب كل واحد بالعدل ، وأحياناً اخرى تأتي بمعنى (الظلم) ، وهو عندما يُسلب منه نصيبه العادل.
ويُستعمل الأول عادةًبصيغة (افعال) ، لذا فقد سُمي الله باسم (المُقسِط) ، والثاني بلفظة (قِسط) (من الثلاثي المجرّد) لذا فالقاسط يعني (الظالِم) ، قال تعالى : (وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَباً ...). (١) (الجن / ١٥)
وكذلك قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ المُقسِطِينَ ...). (المائدة / ٤٢)
ويجدر ذكر هذه المسألة أيضاً وهي أنّ كلمتي (القسط) و (العدل) كلمتان قد تُستعملان أحياناً بصورة منفصلة وبمفهومَين متقابلين مع بعضهما تقريباً ، ولكن تستعملان أحياناً اخرى في موضعٍ واحد ، كالحديث الشهير المنقول عن مصادر الشيعة وأهل السُّنة.
عن الرسول صلىاللهعليهوآله أنّه قال : (لو لم يبق من الدنيا إلّايوم واحد لطوّل الله ذلك اليوم حتى يخرح رجل من وُلدي فيملأها عَدلاً وقسِطاً كما مُلِئَت جَوراً وظُلما) (٢).
فقد ذُكرَ (العدل) و (القسط) إلى جوار بعضهما في هذه الرواية ، كما هو حال كلمتي (الجور) و (الظلم).
وحول ماهية التفاوت الموجود بين هذين التعبيرين؟
يُمكن القول : إنّ (القسط) ـ كما ذكرنا هذا في تفسير مفهومه اللغوي ـ معناه التقسيم العادل وضدّه (التمييز) ، وعليه فإنّ القسط معناه اعطاء كل ذي حقٍّ حقه لا غير.
لكن العدالة ضدّ الجور والتجاوز على حقوق الآخرين ، كأن يغصب أحد حقَّ الغَير ويستولي عليه ، ونحن نعلم بأنّ العدالة الكاملة في المجتمع البشري تتحقق عندما لا يكون هنالك تجاوز من قبل أحد على حقوق الآخرين ، ولا يُعطى حق أحدٍ لغيره.
ويُستنتج (تباينٌ) آخر أيضاً من التعبير الوارد في بعض الأحاديث وهو كون العدالة
__________________
(١) لسان العرب ، مفردات الراغب ؛ مقاييس اللغة ؛ ومجمع البحرين.
(٢) منتخب الأثر ، ص ٢٤٧ ؛ وقد نُقل في هذا الكتاب ١٢٣ حديثاً بهذا المضمون (مع تفاوتٍ قليل) ، وقد ورد هذا المضمون أيضاً في كتاب نور الأبصار للكاتب محمد الشبلنجي ، من خلال روايات متعددة ، ص ١٨٧ ـ ١٨٩.