بل المقصود من (الموازين) هو وسيلة القياس ، وكما نعلم أنّ وسيلة قياس كل شيءٍ تتناسب مع ماهية ذلك الشيء ، كقياس الوزن ، قياس الحرارة ، وقياس ضغط الدم ، و... ، لذا فإنّ وسيلة قياس الأعمال أيضاً هي تلك المعايير الخاصّة التي تُقاس بواسطتها ، كما ورد في زيارة أمير المؤمنين عليهالسلام : «السلام على ميزان الأعمال!».
أجل ، إنّ الإنسان الكامل ميزان قياس أعمال مختلَف الأفراد ، لأنّ وزن كُل انسانٍ يُعادل نظيره!
والظريف هو ما ورد في بعض التفاسير بأَنّ داود عليهالسلام طلب من الله أن يُريه (ميزان الأعمال) ، فعندما رآه صُعِقَ! فلمّا أفاق قال : إلهي ميزانٌ بهذه العظمة!؟ مَنْ ذا الذي يقدر أن يملأ كفّته بالحسنات؟ فقال سبحانه وتعالى مخاطباً إيّاه : «يا داود إِذَا رَضِيتُ عَن عَبدِي مَلأَتها بِتَمرةٍ!».
(أجل إنّ المعيار هناك هو نوعيّة العمل لا كميّته) (١).
* * *
ما الله بظلّامٍ :
استعملت الآية الحادية عشر مصطلح (ظلّام) الذي هو من صيَغِ المبالغة ، ويعني كثير الظلم ، قال تعالى : (وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامِ لِّلعَبِيدِ).
ذكر القرآن هذه الجملة بعد أن أخبر بأنّ كل انسانٍ مرتَهَنٌ بعمله ، إن عمل صالحاً فلنفسه وإن أساء فعليها ، وإن تورّط الناس بعواقب مشؤومة فبما كسبت أيديهم ، وأنّ الله ليس بظالمٍ لهم.
ونفي صفة (ظلّام) ـ كثير الظلم ـ عن الله تعالى ـ مع كونه لا يظلم أحداً أدنى شيء ـ فيه كلام ، فقد قال البعض : إنّ صدور (ادنى شيء من الظلم) ممن يعلم بقباحته وليس له أي حاجةٍ إليه ، يُعَدُّ ظُلماً عظيماً (٢).
__________________
(١) تفسير الكبير ، ج ٢٢ ، ص ١٧٦.
(٢) تفسير مجمع البيان ، ج ٩ ، ص ١٨.