العربي والفارسي في هذا الخصوص ، ظهر من خلالها شكهم في هذه المسألة أو إنكارهم لها. ويُمكن تلخيص الظواهر غير المحبذة بعدّة نقاط :
١ ـ الفرق في القابليات : تختلف درجة الذكاء من إنسان لآخر ، فمنهم من يتمتع بذكاء خارق ، ومنهم ذو ذكاء متوسط ، وبعضهم أقلّ مستوى من الطرفين ، وهذا التفاوت موجودٌ أيضاً في القوى الجسمانية ، وكذلك الحال بالنسبة لظاهر الناس ، فمنهم القبيح ، ومنهم الحسن ، وهكذا التفاوت في اقتناء الثروات والأموال فهو موجودٌ أيضاً.
٢ ـ النقائص والعيوب : إنَّ أغلبية الناس يولدون سالمين ، في حين يُعاني البعض من نقص عضوٍ معين ، وهذا النقص يجعلُهُ يعيش في أزمةٍ نفسيةٍ حادّة طيلة حياته.
٣ ـ الإنكسارات والهزائم : إنّ الحياة الإنسانية مفعمة دائماً بأنواع المشاكل المُنهكة ، كالأمراض ، حالات الفشل ، الاحباطات ، وما شاكل ذلك ، فكيف يرتضي عدل الله أن يُعاني الأنسان من هذه الأمور ، وتتحول حلاوة الحياة في فمه إلى حنظل؟
٤ ـ الحوادث المُّرة : تحدث في حياة الإنسان حوادث طبيعيّة مفجعة ينتج عنها هلاك الحرث والنسل ، فَمَن الذي لم يسمع بدمار وضحايا الزلازل ، والعواصف ، وسنوات الجفاف والمجاعات؟ وعند حلول هكذا كوارث مُدمرّه يُطرَحُ هذا السؤال عادةً : أو لَمْ تكن جميع العوامل والأسباب الطبيعيّة منقادة لأمر الله تعالى؟
وإذا كان كذلك ألمْ يكنْ الماء والهواء والنار من جنوده تعالى ، ويُطيعون ما يأمرهم به؟ ألا تتنافى مثل هذه الأمور مع أصل العدل والحكمة الإلهيّة؟ إِنَّ الإجابة عن مسألة الحوادث المُرّة هي :
إنّنا نعترف بأنّ الإنسان المؤمن عندما يواجه مِنْ قَبيلِ هذه الأسئلة يقع في ضيق ، إلى الدرجة التي لا يَسلَمُ البعض من هذا المنزلق ، وربّما يقع في هاوية الكفر والإنكار.
لكن الظريف في هذا الأمر هو أنّنا كُلّما تفكّرنا ودَرسْنا جوانب هذه المسألة أكثر ، توصلنا إلى آفاقٍ أكثر وضوحاً.
بالضبط كالمسافرين الراكبين في القطار الذي يجتاز نفقاً مُظلماً حيث يتملكهم القلق