٢ ـ المشاكل هي من صنع الإنسان!
يُصاب الإنسان في حياته بمصائب كثيرة هي بالواقع من صنعه هو ، ولكن الكثير من الأفراد ولأجل تبرئة أنفسهم ، والتغاضي عن تقصيرهم ، واهمالهم اللذين ينتج عنهما حدوث المشاكل ، نراهم يحتسبونها على قضاء الله وقدره ، ويوجهون التقصير إلى المشيئة الإلهيّة ، وبعدها يشكّكون في عدالة الله أحياناً ، في حين أنّنا لو دقّقنا جيّداً لوجدنا أنّ الكثير من الحوادث الأليمة ، والفشل ، والمصائب التي يعاني منها الناس ، هي بما كسبت أيديهم ، وأنّ الفرد أو المجتمع هو العامل الأصلي والمقصّر الحقيقي فيها ، مع أنّهم يُبرّئون أنفسهم ظاهرياً.
والمصائب التي تصيب الناس بسبب تعسّف الحكومات الظالمة والمستبدة ، هي من هذا القبيل عادةً ، لأنّ الظلمة والجبابرة افرادٌ معدودون ، وسكوت الناس حيال جرائمهم البشعة وتعاون بعض الناس معهم هو السبب الذي يكسبهم القدرة والقوّة للتسلُّط على رقاب الناس ، وخلق المشاكل الكثيرة لهم.
والكثير من الأمراض مَنشأُها هوى النفس ، والكثير من الاحباط وحالات الفشل تنبع من ترك المطالعة والإستشارة المطلوبة ، وعاملها الأساسي أنانية واستبداد الإنسان برأيه.
وسبب الكثير من حالات الفشل التقاعس وترك الجهاد والسعي.
وكانت الفوضى دائماً سبب الفاقة والاختلاف ، والفرقة سبب المصيبة والبلاء.
والعجب هو أنّ كثيراً من الناس نَسُوا علاقة العلّة بالمعلول واحتسبوا جميع الأمور على الخالق!
علاوةً على هذا فإنّ من المصائب التي تلاحظ في المجتمعات البشريّة ناتجة من ظلمهم لبعضهم ، أو ظلم جماعةٍ لجماعةٍ اخرى ، فمثلاً إذا سمعنا بأنّ هنالك خمسين مليون انسان تقريباً في عصرنا الحاضر يموتون جوعاً ، أو بإصابة أكثر من هذا العدد بأنواع الأمراض بسبب سوء التغذية ، فإنّه لا يعني بأنّ سببه هو أنّ الله قد حرمهم من لطفه ، بل سببه هو سوء استغلال جماعة اخرى من أبناء الدنيا للحرية الإلهيّة ، وقيامهم بغصب حقوق الآخرين. فصار استعمار واستثمار هذه الجماعة.