إنّ الأمراض والموت الناشيء من الجوع ، يحصل في الوقت الذي تلقي الكثير من الدول الثريّة ـ الغافلة عن ذكر الله ـ كثيراً من المواد الغذائيّة في البحر ، أو يلقونها في المزابل ، ويُعانون من أنواع الأمراض الناشئة من الإفراط في الشبع.
وكذا إذا رأينا أنّ أطفالاً يُعانون من أمراضٍ أو نقص أعضاء معينة بسبب ذنوب آبائهم وأمهاتهم الذين أسرفوا في تناول المشروبات الكحولية أو سوء التغذية وما شاكل ذلك ، فهو ظُلمٌ صادرٌ من آباء أو أمهات هؤلاء الأطفال أو مسؤولي مجتمعهم بحقّهم ، وبالضبط كأن يأخُذ أبٌ خنجراً ويفقأ به عين طفله الرضيع ، أو كذبح الأطفال من قبل الجبابرة كفرعون مثلاً.
حينئذٍ لا يُمكن احتساب أي عملٍ من هذه الأعمال على فعل الله ، بل جميعها ممّا كسبت يد الإنسان ذاته ، والتي أعدّها الإنسان لنفسه أو للآخرين.
* * *
القرآن والمصائب الذاتية الصنع :
١ ـ يُلاحَظُ وجود آيات قرآنية كثيرة توضح بصراحة علاقة قسم عظيم من المصائب بأعمال الإنسان السيئة ، إلى الحدّ الذي يُلاحظ فيه أنّ تعبير بعض الآيات جاء بصيغةٍ عموميّة تشمل جميع المصائب : قال تعالى : (مَّا أَصَابَكَ مِن حَسَنَةٍ فَمِنَ اللهِ وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيِئَةٍ فَمِن نَّفسِكَ). (النساء / ٧٩)
والظريف هو أنّ المخاطب في هذه الآية هو شخص الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآله ، لتأكيد وبيان أهميّة الموضوع ، فعندما يكون الرسول صلىاللهعليهوآله مُخاطباً بهكذا أسلوب يتضّح أنّ التكليف واقعٌ على الأخرين حتماً ، وإلّا فمن المعلوم أن الرسول الأكرم محمّد صلىاللهعليهوآله لا يفعل فعلاً يُوْدي إلى ابتلائه بمصيبةٍ من نفسه.
ونَسْب (الحسنات) إلى الله إنّما هو لأنّ الله قد وضع جميع إمكاناتها تحت تصرُّف الإنسان ، ونَسْب (السيئات) إلى الإنسان إنّما هو لأنّها تحرف هذه الإمكانات عن الأهداف