التي خلقها الله لأجلها ، وإلّا فمن حيث كونه مسبّب الأسباب يُمكن نَسْبُها إليه جميعاً.
ولعل هذا هو السبب في نَسْب بعض الآيات القرآنية جميع الأعمال إلى الله ، لذا فإنّ التفاوت الموجود انّما هو بسبب تفاوت جهات البحث وزوايا النظر ، (تأمل جيداً).
ولا يُمكن إنكار كون الكثير من الحوادث الأليمة الموجودة في حياة الإنسان من صنع نفس الإنسان ، فمثلاً إنَّ سبب الكثير من الأمراض هو عدم الاهتمام بأصول الصحّة وقواعدها ، أو الإفراط في تناول الغذاء إلى حد التخمة ، أو عدم التدقيق في النظافة ، أو الإنزواء وعدم التحُّرك ، أو عدم الإحتراز من المناطق الملوثة أو الأفراد الملوثين. ولو راعى الإنسان الأسُس والقوانين التي وضعها الله في عالم الخلق والتكوين لما أُصيب بها.
ولكن مع هذا لايُمكن انكار كون قسم من الأمراض التي تُصيب الناس ذات عوامل خارجة عن قدرتهم ، كالتغيُّر المفاجيء في حالات الطقس التي تحصل خلافاً لمقتضى طبيعة الفصل ، فيُصابُ البعض بمختلف الأمراض.
ويُمكن ملاحظة نفس هذا التقسيم بخصوص بقيّة المصائب والحوادث الاخرى ، لذا فإنّنا نقول : بالرغم من كون صيغة الآية الآنفة الذكر عامّة لكن مقصودها الأصلي أغلب الموارد.
ولأنّ (الفخر الرازي) لم يستطع حل هذه المعضلة ، فقد فسّر (السيئة) الواردة في الآية بمعنى (المعصية) في الوقت الذي نجد بأنه معنىً غير متزّن جدّاً ، لأنّ مفهوم الآية سيصير كالتالي (ما أصابك من معصيةٍ فمن نفسك) ، وهذا الشيء من قبيل توضيح الواضحات ، وعليه فإنّ تعبير (سيئة) له مفهوم عام.
٢ ـ وفي موضعٍ آخر اعتبر الفساد الذي يظهر في البر والبحر كنتيجة لأعمال الناس ، حيث قال : (ظَهَرَ الفَسَادُ فِى البَرِّ وَالبَحرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيدِى النَّاسِ). (الروم / ٤١)
ونظراً لكون الفساد المذكور في الآية معرّف بألف لام التعريف ويفيد العموم ، فإنّه يدل على كون الفساد الذي يظهر في البر والبحر من صُنع الإنسان ، وتشير إلى المفاسد الاجتماعية.