والجوع ، الهزائم في الحروب ، وما شاكل ذلك).
ولكنّ ما ورد في كلام بعض المفسّرين من احتمال كون المقصود من العذاب الأدنى هو عذاب القبر لا يتناسب مع ظاهر الآية ، لأنّ جملة لعلّهم يرجعون تُحدّد هدف هذا العذاب (العودة والرجوع) ممّا لا يتناسب مع عذاب القبر (تأمل جيداً) (١).
* * *
وبخصوص آل فرعون ورد ما يلي :
٤ ـ (وَلَقَد أَخَذنَا آلَ فِرعَونَ بِالسِّنِينَ وَنَقصٍ مِّنَ الَّثمَراتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ). (الأعراف / ١٣٠)
بالرغم من أنّ هذه الآية خاصّة بآل فرعون ، إلّاأنّنا نعلم عدم اختلافهم عن بقية الأقوام بإصابتهم بمشاكل مُنهكة ليسْتيقظوا وينزلوا من مركَب الغرور ، ويعودوا إلى طريق الحق.
والظريف هو أنّ بعض الآيات المذكورة قد ذكرت هدف هذه المسألة (التذكّر) ، وبعضَها الآخر (التضرُّع) ، وبعضَها (الرجوع والعودة) والتي هي بالحقيقة تُشكل المراتب المختلفة والمنظمة للرجوع إلى الله ، فأولاً يتذكّر الإنسان ، ثم يتضرّع إلى الله ، ويرجع إليه منيباً مستغفراً.
أو بتعبيرٍ آخر فالمرحلة الأولى (الفكر) والمرحلة الثانية (الذكر) والمرحلة الثالثة (العمل) ، ومن قبيل هذه النقاط تُعطي بلاغاً جديداً من هذا الكتاب السماوي عندما تُقارَنُ الآيات القرآنية مع بعضها وتُفَسَّرُ بصورة موضوعيّة.
طبعاً كما أشار التأريخ وكما صرّح القرآن أيضاً فإنّ الكثير من الأقوام المنحرفة السالفة لم تُبدِ رد فعل إيجابي إزاء هذه المصائب والعذاب ، واستمرّت في غيّها حتى هلكت بالعذاب الإلهي النهائي ، كما ورد في الآية : (وَلَقَد أَخَذنَاهُم بِالعَذَابِ فَمَا استَكَانُوا لِرَبِّهِم وَمَا يَتَضَرَّعُونَ). (المؤمنون / ٧٦)
__________________
(١) ورد نظير هذا المعنى في سورة الاعراف ، الآية ١٦٨ ؛ سورة الزخرف ، الآية ٤٨.