وتزداد صلابة الثوريين في السجون وتحت التعذيب ، لا نقول بوجوب دخولهم السجن ، بل نقول بأنّ السجن يزيدهم قوّةً وصلابة.
أعتقد بأنّ علاقة مشاكل ومصائب الحياة مع تربية وتكامل الإنسان قد اتضحت بهذه الأمثلة والتحليلات ، وطبعاً لا ينبغي هنا حساب (المصائب الذاتية) ، وما ذكرناه لم يكُن عُذراً من أجل ترك مواجهة المشاكل والمصائب.
* * *
القرآن والإبتلاءات العصيبة :
نعود الآن إلى القرآن الكريم مرّةً اخرى لنرى ما لهذه المسألة من أصداء في الآيات القرآنية :
١ ـ (وَنَبلُوكُم بِالشَّرِ وَالخَيرِ فِتنَةً وَإِلَينَا تُرجَعُونَ). (الأنبياء / ٣٥)
إنَّ كلمتي (الشر) و (الخير) هنا ذواتا معنىً واسع يشمل أنواع المصائب والأمراض والمشاكل والإبتلاء والفقر والفاقة ، وكذا أنواع الإنتصارات والصحّة والعافية والغنى وما شاكل ذلك.
ويجدر الإلتفات إلى تقدُّم ذكر (الشر) على (الخير) في الموارد الامتحانية التي يواجهها الإنسان ، لأنّ الإمتحان بالبلاء أصعب وأعقدُ (ينبغي الانتباه إلى أنّ هذه الشرور ذات صيغة نسبيّة).
وجملة (وإلينا تُرجعون) المذكورة في ذيل الآية تُعد إشارة لطيفة إلى حقيقة كون الدنيا دار ابتلاء واختبار لا دار مقرٍ وخلود.
وعلى أيّة حال تُعد الآية دليلاً واضحاً على كون قسم من المصائب والآلام ذات صبغة ابتلاء وامتحان لتمحّص صبر الإنسان ، كما هو الحال في كون قسم من النّعمِ امتحانية أيضاً لمعرفة مقدار شُكره إزاء النعم الإلهيّة.
٢ ـ (وَلَنَبلُوَنَّكُم بِشَىءٍ مِّنَ الخَوفِ وَالجُوعِ وَنَقصٍ مِّنَ الأَموَالِ وَالأَنفُسِ وَالَّثمَرَاتِ وَبَشِّرِ