إزاء إشكال البعض هي التركيب الثنائي للعالم من (الخير) و (الشر) ، بحيث يتعدّى الإشكال أحياناً إلى أبعد من مسألة العدالة ليبلغ حد التشكيك في أصل وجود الخالق.
تُعد هذه المسألة من المباحث الفلسفية والكلاميّة التي توحي للإنسان بنوع من الظُّلمة والإبهام عندما يدخلها ، لكنه كُلّما تعمّق فيها بتأنٍّ ، ودقق أكثر في تحليلها ، ظهرت أمامه آفاق جديدة واضحة ، إلى أن يُحسَّ في قلبه بالسكينة اللازمة ، بعدما يحصل على الحل النهائي لمسألة الخير والشر.
وبهذه المناسبة ولحل هذه القضية ، نجد من الضروري الإلتفات إلى النقاط الموجزة التالية :
١ ـ ما معنى الخير والشّر؟
(الخير) هو كل ما يتناغم مع وجودنا ويُسبب تكامله وتقدمّه ، و (الشر) هو كل مالا يتناغم معه ، ويُسبب الإنحطاط والتخلّف ، ومن هنا يتضح جيدّاً بأنّ الخير والشر ذوا صبغة نسبّية ، فيُمكن أن يكون أمرٌ ما خيراً لنا وشرّاً للأخرين ، أو خيراً لجميع الناس ، وشراً بالنسبة لنوع من الحيوانات.
كأن تظهر في السماء غيومٌ ، فتمطر السماء ، وتنمو مزارعٌ وتتلقّح أشجارٌ معينة ، ولكن نفس هذه الأمطار تُسبّب سيلاً في نقطةٍ اخرى وتؤدّي إلى الدمار ، أو يتهدّم عش طائرٍ بقطرات بسيطة من المطر ، في حين أنّها تُلطف لنا الجو.
فكل جماعة هنا تنظر إلى هذه الظاهرة بمقياسِ وجودها ومنافعها الخاصّة ، وتُسمّيها خيراً أو شرّاً.
فإبرة الحشرات ، ومخالب وقواطع الحيوانات المفترسة خيرٌ بالنسبة لها لأنّها وسيلة دفاعية أو للحصول على الصيد والغذاء ، ولكن قد تكون شرّاً بالنسبة لنا نحن البشر.
من هذا البيان يُمكن الإستنتاج جيداً أنّه ليس من السهل الحكم على كون الحادثة المعينة شرّاً ، فيجب أن نأخذ بنظر الاعتبار مجموع آثارها في مجموع المحيطات ، بل في