القرون المتأخرة هو العيش المرفّه ، والتلذذ بأنواع النعم ، والركون إلى الدعة.
ونختتم هذا الكلام بعدّة جملٍ مقتطفة من آراء العلماء العظام حول هذا الأمر.
يقول أحد الكتّاب الغربيين : «لا اعتقد بوجوب تحملُّ كل فرد لمصيبة معينة ، ولكن أعلم بكون المصيبة مفيدة في الغالب بل ضروريّة ، ولكن شريطة أن يُتقن كل فرد كيفية مواجهة المشاكل ، وأن يعتبر هذا العمل من الأعمال الأساسية والمفيدة» (١).
وهذا التعبير دقيقٌ جدّاً ، وهو عدم لزوم استقبال الإنسان للمصائب ، أو الجلوس إزاءها مكتوف اليدين ، وعدم مكافحة عوامل المصيبة ، ولكن مع هذا يجب عدم نسيان إمكانية تحويل قسم من المصائب اللا إرادية ، التي نعجز عن مواجهتها ، إلى عوامل بنّاءة في حياتنا.
يقول الفيلسوف والطبيب الفرنسي المعروف (ألكيس كارل) في كتابه (الإنسان ذلك المجهول) : «غالباً ما ينزوي أبناء الأثرياء ، الذين قضّوا عُمراً بالثروة والنعمة وكانوا مقتدرين في كل الجوانب ، عن العمل اتّكالاً على ثروة آبائهم ، ويخلقون في أنفسهم أسباب الضعف وسحق قواهم واستعداداتهم الخلّاقة» (٢).
وبالعكس فهناك كثير من الذين يترعرع أبناؤهم وسطَ خضم من المشاكل ، فإنّهم يحققون انتصارات ملحوظة ونجاحاً كبيراً.
نختتم هذا الكلام بكلامٍ لأميرالمؤمنين علي عليهالسلام.
قال عليهالسلام في الكتاب الخامس والأربعين من نهج البلاغة في الإجابة عن سوالٍ وُجّه إليه وهو : كيفية قدرته عليهالسلام على مبارزة شجعان العرب بالرغم من تناوُلِهِ أغذية بسيطة جدّاً؟!
«ألا وإنّ الشجرة البريّة أصلب عوداً ، والرواتع الخضِرة أرقّ جلوداً ، والنباتات العِزْية أقوى وقوداً وأبطأ خموداً».
٤ ـ الخير والشّر في القرآن الكريم
للخير والشر معنىً واسع في القرآن الكريم يشمل مصاديق متنوعة وأفراداً متفاوتين.
__________________
(١) سرّ النجاح.
(٢) الإنسان ذلك المجهول ، ص ١٥٢.