ورد الخير في القرآن بمعنى (المال) (البقرة / ١٨٠) وبمعنى (العلم) (البقرة / ٢٦٩) ، وبمعنى (الجهاد) (النساء / ١٩) ، وبمعنى (الأعمال الصالحة) (النساء / ١٤٩) ، وبمعنى (الإيمان) (الأنفال ٢٣) ، وبمعنى (القرآن) (النحل / ٣٠).
وبمعانٍ أُخرى أيضاً مثل (الناس الأخيار) ، (الظن الحسن) (الولد الصالح) ، (البستان والزرع) وما شاكل ذلك.
ويجدر الإلتفات إلى أنّ هذه الكلمة قد ذُكرت في القرآن ١٧٦ مرّة بصيغة المفرد و ١٢ مرّة بصيغة الجمع ، في حين نجد أنّ الشر مذكور ٣٠ مرّة فقط بصيغتي المفرد والجمع!
وكلمة (شر) المضادّة لكلمة (خير) وردت بمعنى البلاء والمصيبة ، العذاب ، أنواع المكاره والشدائد ، وجميع أنواع الوسوسة والفساد.
والمسألة الاخرى التي يلزم الإلتفات إليها هي أنّ القرآن قد اعتبر (الشّر) من مخلوقات الله في قوله تعالى : (مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ). (الغلق / ٢)
ويتبادر إلى الأذهان هنا سؤالان :
الأول : كيف يتناسب هذا التعبير مع عدميّة الشرور؟
والثاني : قول القرآن في آيةٍ اخرى : (الَّذِى أَحسَنَ كُلّ شىءٍ خَلَقَهُ). (السجدة / ٧)
فكيف تتناسب هاتان الآيتان مع بعضهما؟ وبتعبيرٍ آخر : يظهر من الآية الثانية أنّ كل ما في الوجود ويصدق عليه تعبير (شيء) ومن مخلوقات الله فهو حَسن ، في حين أنّ الآية الأولى تأمر بالإستعاذة من (شرّ ما خلق).
وفي الإجابة عن السؤال الأول يجب القول : إنّ الآية المذكورة لم تعتبر أي مخلوقٍ شرّاً ، بل تقول بإمكانية صيرورة بعض المخلوقات سبباً للشّر ، أي بأن تعدم كمالاً ، أو تغصب حقّاً ، أو تُبعثر نظماً معيناً ، لذا يبقى الشّر بنفس مفهومه العدمي الذي يُمكن أن يتحقق من قبل الناس الأشرار أو الشياطين. (تأمل جيداً).
ويُحتملُ أيضاً أن يكون قصد الآية هو الشّر النسبي لا المطلق ، أو الشّر الغالب كأنياب الأفعى التي هي وسيلة دفاعيّة بالنسبة لها ، ووسيلة شر بالنسبة للإنسان (أحياناً) ، فالإنسان يعوذ بالله من قبيل هذه الموجودات.