«سؤالان مُهمّان عن العدل الإلهي» في نهاية هذه المباحث بقي هنالك سؤالان جديران بالإهتمام والإلتفات :
١ ـ لماذا طُرِحَ العدل كواحد من أصول الدين؟
كما نعلم ووفق تقسيم الصفات الإلهيّة ، تقع صفة العدل في قسم الصفات الفعلية ، وتُعتبر واحدة منها ، لأنهّا صفة للفعل الإلهي ، ويخطر هنا السؤال الثاني : لأي الخصوصّيات فُصلتْ هذه الصفة عن سائر الصفات ، وأخذت مكانها كأصل مُستقل من أصول الدين الخمسة ؛ وأحياناً توصف مع ، «الإمامة» ، كأصلين خاصّين في المذهب الشيعي؟
للاجابة عن هذا السؤال يجب الإلتفات إلى عدّة أمور :
١ ـ الظرف الزماني لهذه المسألة ، التي مرّت علينا في بداية البحوث من ناحية أصل ظهورها التاريخي هي من أوضح أسباب انفصال هذه الصفة عن بقية الصفات الإلهيّة.
لأنّه كما ذكرنا فقد شهد القرن الأول الهجري نزاعاً شديداً بين علماء العقائد الإسلاميّة ، حيث كان في أحد طرفيه جماعة الأشاعرة الذين كانوا يعتقدون بعدم إمكانية وصف الأفعال الإلهيّة بالعدل والظلم ، فهي فوق هذه الأمور ، وكل ما يصدر من الله هو عين العدل ، حتى وإن أدخل جميع الأنبياء في النار ، وجميع الأشقياء في الجنّة ؛ وكان طرفه الأخر جماعة الشيعة وجماعة المعتزلة ، «جماعة كانت تعتبر العقل كأحد المصادر الإسلاميّة» ، الذين كانوا يقولون ويعتقدون بحكمة الله وعدله وعدم صدور شيء منه خلاف ذلك ، فلن يثيب الظالم ولن يعاقب المظلوم ، وعقلنا يدرك الحسن والقبيح بمقدار واسع ، ولا يصدر من الله العادل والحكيم إلّاالفعل الحسن.
وكما لاحظنا فإنّ كثيراً من الآيات القرآنية أيدت هذه الحقيقة أيضاً.
وأدّى هذا الإختلاف إلى ظهور جماعة عُرفت باسم «العدلية» ، وعُرف أصل العدل ، وأصل الإمامة كأصلين خاصّين في المذهب الشيعي.
٢ ـ علاوةً على هذا ، فإنّ الكثير من صفات الفعل الإلهي تعود بالحقيقة إلى أصل العدل ،