ومن جهةٍ اخرى فإنّ العلم على قسمين : لأنّه تارة يراد منه الجانب (النظري) وهو ما يرتبط بالمسائل الفكريّة والعقائديّة ، وأحياناً اخرى الجانب (العملي) وهو ما يرتبط بالمسائل العمليّة كالعبادات والمسائل الاجتماعيّة.
ومن جهة ثالثة أيضاً يُقسَّمُ العلم إلى قسمين : (عقلي) و (سمعي) ، فالأول يُسْتحصل بالدليل العقلي ، والثاني من لسان الوحي ، وقد ورد في مقاييس اللغة بأنّ العلم في الأصل بمعنى ذلك الأثر الذي بواسطته يُعرف شيء معين ، لذا فقد وردت كلمة (التعليم) بمعنى وضع العلامات وكلمة (العَلَمْ) بمعنى الراية.
«علّام» : ـ على وزن جبّار ـ وعلّامة كلاهما تعنيان العالِم الغزير العلم.
و «العلَمْ» : ـ على وزن قَلمْ ـ ورد بمعنى الجبل الشاهق أيضاً ، و (العَيْلَم) بمعنى البحر أو البئر الملي بالمياه ، كان هذا مجمل ما قاله المحققون حول تفسير كلمة (العِلْم).
* * *
جمع الآيات وتفسيرها
الله عزوجل عالم بكل شيء :
بيّنت الآية الأولى بتعبيرٍ مختصر وذي معنى أنّ الله بكل شيء عليم ، بدون استثناء ، فقالت : (وَاعلَمُوا أَنَّ اللهَ بِكُلِّ شَىْءٍ عَلِيمٌ).
وقد تكرر هذا التعبير والتأكيد ، في أكثر من عشر مّرات في السور القرآنية المختلفة ، بنفس هذه العبارة أو بعبارات مشابهة لها ، وهو يمثل أصلاً قرآنياً كلياً في وصف علم الله.
إنّ هذه العبارة من هذه الآية ـ التي هي محلُّ بحثنا ـ قد وردت بعد أن ذكرت قسماً من حقوق النساء والأحكام الإلهيّة الخاصة بها ، والتي ورد فيها تحذير لذوي الاغراض الخبيثة الذين يرومون استغلال هذه القوانين الإلهيّة بصورة سيئة ، وقد بيّن القرآن هذه الجملة في آيات اخرى أيضاً بعد تذكيره بضرورة التزام التقوى أو أحكامٍ اخرى ، أو ذكره لبعض الصفات الإلهيّة وما شاكل ذلك ، كل هذا من أجل بيان هذه الحقيقة ، وهي أنّ الأحكام التي