«كيف تستعينون بنعم الله وعطاياه على معصيته»؟!
ومن جانب ثالث فإنّ هذه المراقبة تُحيي بصيص الأمل في قلب الإنسان ، ويشعر بعدم كونه وحيداً في مواجهة الحوادث ، بل يشعر بأنّ الرقيب هو من يحيط علماً بجميع الكون ومشاكله وأسراره الباطنية والعلنية ، وهو سبحانه وتعالى قدير ورحيم في نفس الوقت. وهذه العقيدة ترفد الإنسان بالقوة والاستقامة في مواجهة المواقف الصعبة.
ومن جانبٍ رابع فإنّ الالتفات إلى سعة علم الله تعالى يدلنا على سعة وعظمة عالم الوجود ، وعمق أسرار عالم الخلق والتكوين ، وهذا بحدّ ذاته يمكن أن يكون دافعاً مهمّا نحو التطور العلمي.
* * *
٢ ـ الأدلة على علم الله
ذكر الفلاسفة والمتكلمون أدلّة عديدة لإثبات علم الله بجميع الأمور ، أهمها الأدلّة الثلاثة التالية : (والطريف هو أنّ الآيات المذكورة أشارت إلى جميع هذه الأدلة) :
أ) برهان الخلق والنظم
إنّ النظام المذهل الموجود في هذا الكون ، والقوانين الدقيقة التي تُسيِّر جميع ذرات الوجود ، ابتداءً من الذرّة وانتهاءً بالمنظومات والكواكب السيّارة ، وابتداءً من الموجودات المجهرية وانتهاء بالإنسان الذي هو أرقى نموذج في الخلق ، ومن الأعشاب الاحادية الخلية التي تعيش في أعماق المحيطات ، وحتى الأشجار العظيمة التي يبلغ طولها خمسين متراً!
وهكذا النظم المعقدة العجيبة التي تسيطر على روح الإنسان وقلبه ، والتنوع المذهل الملحوظ في الكائنات الحية ، من النباتات والحيوانات ، والذي تبلغ أنواعها مئات الآلاف ، فهذه جميعاً تدل على علم الله اللامحدود.