فهل يمكن أن يصنع أحد شيئا ويجهل أسراره؟
فخالق العين ونظام المخ المعقد ، والمدارات الألكترونية العجيبة التي تدور حول نواة الذرّة ، فهو عالم ومحيط بها جميعاً.
وعليه فكما يدلنا برهان النظم على وجود الله فإنّه يثبت عدم محدودية علمه أيضاً.
ونظراً إلى أنّ مسألة الخلق أمرٌ مستمر ودائمي فإنّ الموجودات في حال «الصيرورة» المستمرة لا «الإيجاد» الأول فحسب ، وأنّ ارتباطهم مع منشي الخلق لا يمكن أن يكون في البداية فقط ، بل هو مستمر مع استمرار حياتهم ووجودهم ، فسوف تثبت إحاطته العلمية بجميع الأشياء وفي كل حالٍ ومكان وزمان أيضاً.
ب) برهان الإمكان والوجوب
ثبت في بحوث معرفة الله أن واجب الوجود هو الله وحده سبحانه ، وما سواه ممكن الوجود ، وثبت أيضاً بأنّ الممكنات محتاجة وتابعة له في الوجود والبقاء معاً ، وبتعبيرٍ آخر الجميع حاضر بين يديه ، وهذا الحضور الدائمي دليلٌ على علمه بجميع الأمور ، لأنّ العلم بحقيقة المعلوم ليست إلّاحضور ذات المعلوم عند العالم.
ج) برهان اللّاتناهي
بغض النظر عن مسألة العلّة والمعلول ، فإنّ الله سبحانه وتعالى وجود غير مُتناهٍ من جميع الجوانب ، لذا لا يخلو منه مكانٌ أو زمان (مع أنّه لايحدّه مكان أو زمان) ، لأننا لو افترضنا خلو مكان أو زمان من وجوده تعالى فقد حددناه.
لذا فعدم تناهيه يدلّ على حضوره وإحاطته بجميع الوجود ، أو بتعبير آخر كُل شيء ماثل بين يديه.
فهل يمكن أن يكون العلم غير هذا الحضور؟
وفي الحقيقة أنّ موانع العلم إمّا أن تكون حجب مادية ، وإمّا بُعد المسافة ، ونحن نعلم انتفاء هذه الامور عن ذات الباري.