الروحيّة ، واتّسع أكثر فاستُخدم للإشارة إلى إحاطة الله الوجوديّة بجميع الأصوات.
وقد تستعمل هذه الكلمة بمعنى الفهم والإدراك أحياناً ، كما ورد في الآية : (وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لَايَسْمَعُونَ) (١). (الانفال / ٢١)
«بصير» : من «بصر» (على وزن سَفَرْ) وتعني العين كما قال الراغب في مفرداته ، وقد تأتي بمعنى حدّةُ النّظر أحياناً ، لذا قد تستعمل بمعنى قوّة الإدراك والبصيرة الباطنيّة «البصر والبصيرة» أحياناً ، كما ورد في قوله تعالى : (فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ). (ق / ٢٢)
وقد ذكر «ابن منظور» في «لسان العرب» أيضاً نفس هذه المعاني لكلمة «بصر» ، في حين نجد أن «صحاح اللغة» فسّرها بمعنى حاسّة النظر ، وبمعنى العلم أيضاً ، وفسّرها «المصباح» بمعنى النور الذي يُمكن للعين رؤية المبصرات عن طريقه.
لكنه يُستنتَجُ من مجموع كلمات أصحاب اللغة وموارد استعمال هذه الكلمة ، أنّها تعني أولاً عضو النظر ، ثم قوّة النظر ، وبعدها استُعمِلَتْ بمعنى الإدراك الباطني والعلم ، وفي خصوص الباري تعالى تُستعمل بمعنى إحاطته الوجودية بالمبصرات.
* * *
جمع الآيات وتفسيرها
هو السميع البصير :
بعد أن نفت الآية الأولى وجود المثل عن الله تعالى ، وصفته بصفتي السميع والبصير : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىءٌ وَهُوَ السَّميعُ الْبَصِيرُ).
وواضح أنّ المقصود من «ليس كمثله شيء» يشمل كلاً من ذاته وصفاته وأفعاله ، لأنّ ذاته واجبة الوجود ، وصفاته وأفعاله لامتناهية ، وما اعتقده بعض المفسرين من أن نفي المثل والشبيه الوارد في هذه الآية يشمل الذات المقدّسة فقط ولا يشمل الصفات ، محض اشتباه.
__________________
(١) مفردات الراغب ؛ مقاييس اللغة ؛ لسان العرب والتحقيق في كلمات القرآن الكريم.