والتعبير بعبارة «فِى سَبْيلِ اللهِ» تعبيرٌ لطيفٌ وغنيٌّ جدّاً ، حيث وضَّح للجميع بأنّ الهدف من الجهاد الإسلامي ليس كسب السلطة الدنيوية واحتلال الدول ـ كما اتّهمنا به الكثير من مفكِّري الغرب، بل فتح الطرق إلى الله ـ طرق الطهارة والتقوى والحق والعدالة ـ.
وجملة (وَاعْلَمُوا انَّ اللهَ سَمِيْعٌ عَلِيمٌ) تُحذِّر جميع المجاهدين المسلمين لكي يراقبوا أقوالهم ونيّاتهم ، ويتجنبوا كُل مايُشوِّه المعنى السامي والجميل لكلمة : (فِى سَبْيلِ اللهِ). وكذلك فإنّها تزيد من معنوياتهم عندما يثقون بأنّ الله معهم أينما كانوا ، ويعلم حالهم.
إنّه قريب منكم :
وفي الآية الخامسة يُطالعنا تعبير جديد ، وهو اقتران مفهوم «السميع» مع مفهوم «البصير» ، حيث قال سبحانه مخاطباً رسوله الكريم صلىاللهعليهوآله : (وَانِ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوْحِى إِلىَّ رَبِّى انَّهُ سَمِيعٌ قَريْبٌ).
وهذه الآية تشير إلى احتمال ضلال الرسول بدون الوحي الإلهي ، وأنّ الذي يعصمه صلىاللهعليهوآله من الخطأ ويهديه إلى الحق والصواب هو الوحي الإلهي ، لا التفكُّر والاستدلال البشري المعرض للخطأ.
وقد ورد في بعض التفاسير بأنّ جماعة من المشركين قالوا للرسول الأعظم صلىاللهعليهوآله : لقد ظللت يامحمد ، لأنّك تركت دين أجدادك ، فنزلت هذه الآية وأجابتهم عن لسان رسول الله صلىاللهعليهوآله : بأنّه لو كنت أعتمد على نفسي في هذا الأمر لكنتم محقين في اتهامكم لي بهذه الاتهامات ، ولكن ارتباطي بالوحي الإلهي لا يبقي معنىً للضلال في هذه الحالة ، وذلك لأنّه تعالى يعلم أسرار الغيب ، (وهي العبارة التي وردت في الآيتين السابقتين) ، وهو السميع البصير (العبارة الواردة في الآيات الثلاث السابقة) وهو السميع القريب (هذه العبارة الواردة في ذيل هذه الآية المعنية في بحثنا هذا).
ويستنتج من هذه الآية أيضاً أنّ الاعتماد على النفس هو الذي يقود الإنسان إلى الضلال ، وأنّ الاعتماد على القوة العقلية أيضاً لا يوصله إلى مكان معين ، وأنّه يحتاج لبلوغ