سورة الرّوم
مكية ؛ اتفاقا ، وقيل : إلى قوله : (فَسُبْحانَ اللهِ ..) (١) إلخ. وهى تسع وخمسون ، أو ستون ، آية. ومناسبتها لما قبلها : أن نتيجة المعية التي ذكرها بقوله : (وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ) هى النصر والعز الذي بشر به المؤمنين فى صدر السورة بقوله : (وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللهِ ..) إلخ. قال تعالى :
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(الم (١) غُلِبَتِ الرُّومُ (٢) فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (٣) فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (٤) بِنَصْرِ اللهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (٥) وَعْدَ اللهِ لا يُخْلِفُ اللهُ وَعْدَهُ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (٦) يَعْلَمُونَ ظاهِراً مِنَ الْحَياةِ الدُّنْيا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غافِلُونَ (٧))
يقول الحق جل جلاله : بعد التسمية : (الم) أي : أيها المصطفى ، أو : المرسل ، (غُلِبَتِ الرُّومُ) أي : غلبت فارس الروم (فِي أَدْنَى الْأَرْضِ) أي : فى أقرب أرض العرب ؛ لأن الأرض المعهودة عند العرب أرضهم ، أي : غلبوا فى أدنى أرض العرب منهم ، وهى أطراف الشام. أو : أراد أرضهم ، على إنابة اللام مناب المضاف إليه ، أي : فى أدنى أرضهم إلى عدوّهم. قال ابن عطية : قرأ الجمهور : «غلبت» ؛ بضم الغين. وقالوا : معنى الآية : أنه بلغ أهل مكة أن الملك كسرى هزم جيش الروم بأذرعات ، وهى أدنى أرض الروم إلى مكة ، فسر لذلك كفار قريش ، فبشر المؤمنين بأن الروم سيغلبون. ه. وهذا معنى قوله : (وَهُمْ) أي : الروم (مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ) ، وقرئ : بسكون اللام ؛ كالحلب والحلب ، وهو من إضافة المصدر إلى المفعول ، أي : وهم من بعد غلبة فارس إياهم (سَيَغْلِبُونَ) فارس ، وتكون الدولة لهم.
__________________
(١) الآية ١٧ من السورة.